سياسة لبنانية

كيف تفاعل دروز لبنان مع احداث جبل الشيخ؟

عاد النائب وليد جنبلاط من موسكو أكثر تشدداً في موقفه من النظام السوري مجدداً دعوته دروز سوريا الى فك ما تبقى من ارتباط لهم مع النظام الآيل الى السقوط عاجلاً أم آجلاً… ولم يعرف ما إذا كانت تصريحات جنبلاط تعكس نتائج محادثاته في موسكو أم لها صلة بالتطورات الأمنية في البلدات الدرزية السورية في جبل الشيخ (سقوط عشرات القتلى الدروز بمواجهات مع «النصرة»، وحيث تقول مصادر اشتراكية إن الجيش السوري تخلى عن الميليشيا الدرزية المؤيدة له وتركها لمصيرها).
وتقول مصادر إن جنبلاط سمع كلاماً عن الدعم الروسي لـ «سوريا بشار الأسد»، لا نقاش فيه في هذه المرحلة، وأن موسكو مع جميع حلفائها لن تسمح بإسقاطه بالطريقة الجاري تنفيذها، لكن ذلك لا يُنهي الحكاية وقد يكون لهذا المسار توقيت حتمي. وفهم جنبلاط ممن التقاهم أن البحث في مستقبل المنطقة لا يلحظ دوراً للأسد في الشكل القائم. فسوريا الجديدة غير سوريا القديمة، وهو ما يؤشر إلى أن لمسيرة الدعم الروسية نهاية لا بد آتية، مهما طال الزمن، إذ إن الطبخات المتداخلة إقليمياً ودولياً لم تستوِ بعد… وفي التفاصيل، أن الأزمة الحقيقية تكمن في فقدان البديل عن الأسد، وقد أثبتت التجارب السابقة أنها عملية معقدة ولن تكون سهلة. فالمجموعات المسلحة المتطرفة لن تكون البديل، وهو ما يوحي بأن البحث عن الصيغة المقبلة لم يتقدم بالشكل الذي يطمح إليه العالم.
وتقول مصادر درزية معارضة لجنبلاط إنه أخلّ بالاتفاق غير المكتوب بين القيادات الدرزية بترك شؤون دروز سوريا لهم وعدم تحريضهم لا على النظام ولا ضده، وحتى لو اعتبرنا أن جنبلاط حسن النية ويريد «حماية الدروز» كما يقول، لكن ما يعلنه هو استهداف للنظام، فعندما يطلب من الدروز في سوريا الالتحاق بالثورة، فإنه يدعوهم الى أن يفتحوا الطريق من بلداتهم وقراهم الى دمشق لإسقاط الرئىس الأسد، حيث تشكل البلدات ذات الكثافة الدرزية حاجزاً جغرافياً أمام المسلحين، وهو ما يرفضه حلفاء سوريا في لبنان من القيادات الدرزية، لأن جبنلاط في موقفه هذا يتدخل في سوريا ويحرّض على النظام، كما فعل في السابق عندما دعا الدروز في الجيش السوري الى الانشقاق.

احداث جبل الشيخ
كيف تفاعل دروز لبنان مع أحداث «جبل الشيخ»؟!
تمكن مسلحو «جبهة النصرة» من السيطرة على مواقع استراتيجية في السفوح السورية في جبل الشيخ مثل «الشعرة وكفرحور وبيت سابر وقلعة جندل وبقعسم»، ما أتاح لهم التحرك عسكرياً بسهولة ضد أبناء القرى الدرزية، حصلت مواجهات كان أعنفها في بيت تيما وحضر وعرنة التي سقط فيها لوحدها عشرون قتيلاً من قوات الدفاع الوطني (ميليشيا درزية مدعومة من النظام). وهذه المواجهة أيقظت الهواجس الدرزية من خطر يتهدد الوجود في محافظتي القنيطرة والسويداء، كما أحدثت حال توتر في منطقة راشيا وحاصبيا التي يرفض أهلها مرور جرحى «النصرة» الى المستشفيات اللبنانية لتلقي العلاج.
هذه الأحداث وصلت أصداؤها وارتداداتها الى قرى حاصبيا وراشيا اللبنانية، وتفاعل الوسط الدرزي بقوة مع هذه الأحداث، وبرزت ثلاثة اتجاهات:
1- اتجاه «أقلوي» يسود لدى مجموعات متطرفة في الطائفة الدرزية ويدعو الى «حماية إسرائيلية عسكرية وأمنية» للأقلية الدرزية والقرى المنتشرة في الجنوب السوري واللبناني، وهذا التوجه يلقى مساندة من رموز درزية إسرائيلية أبرزهم شيخ العقل في فلسطين موفق طريف وعضو حزب «الليكود» المقرب من نتانياهو أيوب قرة.
2- الاتجاه الرئيسي الأول الذي يمثله الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الذي يدعو الى «مصالحة الدروز مع محيطهم والوقوف على الحياد». ويحاول جنبلاط بموقفه أن يحمي الدروز. وينقل عنه زواره قلقه على مصير أبناء طائفته في سوريا وتأثير ما قد يحصل لهم على دروز لبنان، إذ تخوف من انعكاسات الأحداث الدامية التي يتعرض لها الدروز في سوريا، الذين يحملهم مسؤولية ما يجري لهم بسبب وقوفهم مع النظام السوري وتأييدهم له وانخراطهم في القتال الى جانب جيشه إذ كان يحثهم دائما على الابتعاد عن النظام وعدم معاداة الثورة السورية، وهو ما كرره بعد مجزرة عرنة.
3- الاتجاه الرئيسي الثاني الذي يمثله مشايخ في الطائفة والوزير السابق وئام وهاب ورئيس حركة النضال الوطني النائب السابق فيصل الداود والنائب طلال إرسلان والحزب القومي السوري الذي له حضور في المناطق الدرزية الحدودية. وهذا الاتجاه يرى أن «مغازلة» جنبلاط لـ «النصرة» وإسقاط الإرهاب عنها والدعوة الى حوار معها كأمر واقع لم تؤمن حماية للدروز ولم تمنع الهجوم على بلدة عرنة ذات الكثافة الدرزية. وجنبلاط باتخاذه مواقف مرنة ولينة و«متخاذلة» أمام النصرة يضعف الدروز بدلاً من أن يعمل على تأمين الدعم لهم ليصمدوا في وجه التكفيريين الذين لا تنفع سياسة «النأي بالنفس» معهم أو الحياد، فهم سيغزون القرى الدرزية أن رفعت الرايات البيضاء أو لم ترفع…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق