سياسة لبنانيةلبنانيات

تشكيل الحكومة معقد والاضرابات تجتاح البلد وتشله والمسؤولون عاجزون

انتهت الاستشارات غير الملزمة التي اجراها الرئيىس المكلف نجيب ميقاتي مع النواب وبدأت التجاذبات وشد الحبال لتشكيل حكومة تتولى تقطيع المرحلة حتى نهاية العهد. الا ان العين بصيرة واليد قصيرة، والاوراق التي يحملها الرئيىس ميقاتي لا تؤمن تذليل العقبات من امام التأليف. وسيقوم اليوم بزيارة الى قصر بعبدا لعرض نتائج الاستشارات على رئيس الجمهورية.
التصريحات التي صدرت عن النواب توحي كلها بانها مسهلة الطريق امام الرئيس المكلف، غير ان الواقع ليس كذلك. فالاراء متعددة بعدد النواب، وبعضها يناقض البعض الاخر، فكيف يمكن تذليل هذه العقد؟ البعض يطالب بحكومة جامعة تضم الاطراف كافة، والهدف توزيع المسؤوليات على الجميع. والبعض الاخر مستنكف ولا يريد المشاركة ليبقى خارج المسؤولية. وهناك من يسعى الى الدخول في الحكومة، لتعويض الحرمان الذي اصابه طوال سنين. وهناك من يتمسك بوزارات معينة معتبراً انها ملك له، وهو غير مستعد للتخلي عنها مع ان لا وجود لاي نص دستوري يكرس وزارات على اسم طوائف او احزاب، غير ان الاستسلام للمطالب على مر السنين، دعم موقف المطالبين به، وقد حان الوقت ربما للتخلص من هذه المطالب الفئوية التي تسيء الى البلد. فعندما يفشل وزير او جهة ما في ادارة وزارة، ولا ينجح بتحقيق اي انجاز فيها، فكيف يمكن ان يبقى متمسكاً بها؟ هل ان تكريس الفشل اصبح عرفاً؟
الرئيس ميقاتي وعد بوضع صيغة للحكومة العتيدة في غضون ايام قليلة سينقلها الى رئيس الجمهورية للموافقة عليها. ولكن من يضمن ان تكون اراء الرئيسين عون وميقاتي متطابقة، فيوقع الرئيس عون على هذه الصيغة وتنتهي المشكلة. هذا ممكن ان يحصل في دول تتجاوز الخلافات، وتسعى الى خير ابنائها وتحكم التوافق علاقات المسؤولين. غير ان الانقسامات التي تتحكم بكل مفاصل الدولة تسد الطريق امام اي مشروع لا يتم الاتفاق عليه. والكل يذكر كيف امضى الرئيس سعد الحريري تسعة اشهر محاولاً تشكيل حكومة يوافق عليها رئيس الجمهورية، ففشل ،اضطر الى الاعتذار، لان الاراء لم تكن متطابقة. فمن يضمن الا يتكرر السيناريو اليوم، ومن قال ان رأي ميقاتي يجب ان يلاقي قبولاً عند عون؟
الشعب وحده بعيد كل البعد عن هذه المحاولات البائسة، وهو لا يهتم اذا تشكلت حكومة ام لا؟ همه الوحيد كيف يواجه الازمات الكارثية التي تنهال عليه من كل حدب وصوب، وهي كلها من صنع المنظومة التي كانت السبب في الانهيار. وهو يعبر عن رفضه واستنكاره من خلال الاضرابات التي تجتاح البلد، واهمها اضراب موظفي القطاع العام الذي يكاد ينهي اسبوعه الثالث، فشل المؤسسات وعطل اعمال الناس. لقد حاول وزير العمل ايجاد حلول بعدما تفاقم الوضع، وطرح افكاراً عدة على المسؤولين عن موظفي هذا القطاع، وتقرر ان ينقل نتائج مساعيه الى رئيس حكومة تصريف الاعمال للتداول فيها. وهنا يخشى البعض من ان يقدم المسؤولون على خطوات غير مدروسة، كما فعلوا يوم اقروا سلسلة الرتب والرواتب، فكانت القشة التي قصمت ظهر البعير. فانهار الاقتصاد وعانى المواطنون جميعاً مما يعانون منه اليوم. فالحكومات المتعاقبة عودتنا على الحلول المتسرعة، التي تأتي بنتائج كارثية. فعسى الا تقع حكومة تصريف الاعمال في هذا المطب. فالخزينة فارغة والخدمات الى تراجع كبير من الكهرباء الى المياه، الى الخبز الى المحروقات الى غيرها، وعلى المسؤولين ان يؤمنوا المال لاي حل يقترحونه قبل التوقيع عليه، والا زاداوا الامور تعقيداً وصعوبة.
والاضراب ليس مقتصراً على موظفي القطاع العام. وقد اضرب بالامس موظفو البنك المركزي احتجاجاً على ملاحقات رؤسائهم اعتبروها سياسية وكيدية وهددوا بالتصعيد، مع ما يشكل اقفال البنك المركزي من شلل وضرر على كل شيء في البلد. وقبل ذلك اضراب القضاة ومتطوعي الدفاع المدني والاطباء وغيرهم وغيرهم، والمسؤولون يتفرجون ولا قدرة لهم على العلاج. فالمنظومة هي التي اوصلت البلد الى هذه الحال ولكنها غير قادرة على اخراجه منه. وكما في كل شيء الشعب وحده يدفع الثمن. فالى متى سيستمر هذا الوضع؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق