سياسة عربية

مصر: تعبئة جامعية بدلاً من الشارع نصرة لمرسي

المدقق في تفاصيل المشهد المصري يتوقف عند تغييرات جذرية في شتى المجالات الداخلية والخارجية. ففي الداخل، وعلى الرغم من الحملة الاعلامية المكثفة التي تحاول تعظيم شأن المعارضة الاسلامية، والتركيز على «شرعية مرسي»، يتوقف المحللون عند تغير واضح في المزاج الشعبي العام.

التغير الذي يرصده محللون من شتى الاطياف السياسية يتركز على مسارين اثنين: الاول، باتجاه عدم المبالاة. والثاني باتجاه الحكومة الجديدة، ونحو تجاوز الرئاسة الحالية صوب السيسي الذي ترشحه الشائعات لكي يكون رئيساً مستقبلياً لمصر، ولكي يكون خليفة للرئيس الاسبق جمال عبد الناصر.
وفي الصف المقابل هناك تراجع في المتحمسين لدعم الرئيس المقال محمد مرسي، اما لقناعة بأهمية التغيير نحو العهد الجديد، او خشية من مجابهة التيار المناصر للسيسي وجماعته.
اما في المسار الخارجي، فقد اكدت التطورات ان «العهد الجديد» عازم على السير في اتجاهات تتفق مع مصلحته بعيداً عن اية محاولات للابتزاز الغربي، وبشكل يؤشر الى احتمالية هز العصا في وجه اي تيار يمكن ان يحاول استغلال الظرف لمصالح تتقاطع مع المصلحة الوطنية.
وفي هذا السياق يمكن التوقف عند الحراك الرسمي باتجاه روسيا، لا لتكون بديلاً للولايات المتحدة الاميركية فقط. وانما للتنسيق معها في شتى المجالات، وبحيث يتم الاعتماد على مصادر متنوعة في التسليح وغيره.
وفي البعد الداخلي، يتوقف المحللون عند محاكمة الرئيس المقال محمد مرسي، ومحاولات التيار الاسلامي حشد انصاره لمواصلة الاحتجاج على عزله اولاً، وعلى محاكمته ثانياً، وسط معلومات تشير الى ان عقوبته قد تصل الى السجن المؤبد. فقد فشلت جماعة الاخوان المسلمين التي تلقت سلسلة من الضربات كان آخرها الغاء جمعيتها واعتبارها غير شرعية، واعتقال قياديي الحركة واحالتهم الى القضاء بتهم كبرى ضمن سلم الجنايات والجرائم، فشلت في حشد الجماهير للضغط من اجل دعم الجماعة.

محاكمة مرسي
بدأت محاكمة الرئيس الإسلامي المعزول محمد مرسي الذي اغتنم فرصة اول ظهور له منذ اطاحته واحتجازه في مكان سري لتأكيد عدم اعترافه بالمحاكمة ولا بـ «الانقلاب» الذي يتهم قادة الجيش بتدبيره. وقررت المحكمة في ختام الجلسة الاولى للمحاكمة تأجيل النظر في القضية الى الثامن من كانون الثاني (يناير) المقبل.
وبعد نحو ساعتين، قطع المتظاهرون من انصار مرسي الطريق الدائري (طريق رئيسي حول القاهرة) في الاتجاهين لنحو ساعتين قبل ان يفتحوه مجدداً وسط غياب تام لقوات الامن. كما تجمع مئات من انصار مرسي امام مقر دار القضاء العالي في وسط القاهرة وبجوارهم تظاهر عشرات من مؤيدي الجيش الذين كانوا يهتفون «السيسي هو رئيسي».
ولاحقاً اشتبك الطرفان بالحجارة واطلقت قوات الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق انصار مرسي الذين لاحقهم جنود الامن المركزي (قوات مكافحة الشغب) في الشوارع الجانبية وسط مشاركة من الاهالي. واعتقل الامن اثنين من المتظاهرين الإسلاميين على الاقل اثر تلك الاشتباكات.
وكانت جماعة الاخوان التي ينتمي اليها مرسي دعت انصارها يوم الاحد الى «الزحف الى المحاكمة» كما دعا «تحالف دعم الشرعية ورفض الانقلاب» الذي تقوده الجماعة الى تظاهرات كبيرة بمناسبة بدء المحاكمة. الا ان مجمل التقارير تتحدث عن فشل الاسلاميين في تعبئة الشارع خلال محاكمة مرسي ما يعكس حالة الضعف التي اصابتهم. كما ان المتظاهرين الاسلاميين لم ينجحوا في حشد اعداد كبيرة وهو ما يشير بوضوح الى ان حركتهم تضعف.
لكن طلاب الإخوان في جامعة الأزهر اغلقوا مبنى إدارة الجامعة بالجنازير، واحتجزوا رئيس الجامعة، ومجموعة من الموظفين وأفراد الأمن الإداري داخل المبنى. واقتحم المئات من طلاب الجامعة من المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين والتيار الإسلامي المبنى الإداري للجامعة، الذي يعتبر مقراً  لرئيس الجامعة ونوابه، وكسروا محتوياته إحتجاجاً  على ما وصفوه بـ «الإنقلاب العسكري» ضد الرئيس المعزول محمد مرسي. وألقى الطلاب المحتجون محتويات المبنى إلى الخارج، وحطموا النوافذ الزجاجية، واضطر رئيس الجامعة الدكتور أسامة العبد إلى الإستغاثة بوزارة الداخلية لفك الحصار عنه هو ومسؤولي الجامعة، بعد إحتجازهم  وإغلاق أبواب المقر الإداري بالجنازير. وأطلق الطلاب الذين كان بعضهم يحمل أسلحة الخرطوش وأسلحة بيضاء طلقات الخرطوش باتجاه الأمن الجامعي. واقتحمت قوات الشرطة الجامعة إستجابة لاستغاثة رئيسها.

زيارة بوتين
وفي سياق آخر، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن وزيري الخارجية والدفاع سيرغي لافروف وسيرغي شويغو سيزوران القاهرة في 13 و14 تشرين الثاني (نوفمبر) للقاء نظيريهما المصريين من أجل تعزيز التعاون بين البلدين.
ومن المفترض – مع صدور هذا العدد – ان يكون الوزيران قد التقيا نظيريهما المصريين في صيغة «2-2»، لتكون المرة الاولى التي تجري فيها مفاوضات وزيارة بهذه الصيغة. وناقشا عدداً من القضايا الاقليمية والدولية وكذلك تعزيز التعاون العسكري والاقتصادي والسياسي، اضافة الى استكمال الترتيبات لزيارة الرئيس بوتين الى القاهرة الشهر الحالي.
وكان وزير الخارجية المصري اكد اهتمام القاهرة بتطوير علاقاتها مع روسيا. كما أكد عزم مصر على تطويرعلاقاتها مع كل الأطراف بما يمكنها من تنويع خياراتها، مشدداً على أن تطوير العلاقات مع روسيا يترجم التقدير العالي للدور الروسي في شتى مجالات التعاون.
الى ذلك، اشارت تقارير اخبارية الى عزم مصر على شراء أسلحة متطورة من روسيا تتضمن صفقة طائرات حديثة، ومنظومات صواريخ دفاع جوي، بالإضافة إلى تحديث الدبابات الروسية القديمة التي ما زال يستخدمها الجيش المصري، وتزويدها بأسلحة وأجهزة متقدمة. وستشهد زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى القاهرة خلال الشهر الحالي الإعلان عن صفقة أسلحة ضخمة لتحديث الجيش المصري بأسلحة روسية، رداً على قرار الولايات المتحدة تجميد جزء من المساعدات العسكرية لمصر ووقف تسليم أسلحة وطائرات للجيش المصري مؤخراً.  وفي موضوع آخر، يصر الاسلاميون على رفض التعديلات الدستورية التي توشك لجنة مختصة على اعلانها. وتربط الحركة الاعتراف بالتعديلات بعودة مرسي الى الحكم.

القاهرة – «الاسبوع العربي»

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق