سياسة لبنانيةلبنانيات

فريق الممانعة انتقل الى التهديد والفراغ الرئاسي بدأ يأخذ طابعاً مقلقاً

النزوح السوري تجاوز كل الحدود ولم يعد مسموحاً للحكومة ان تبقى متفرجة

التعطيل الداخلي على حاله، لا افق ظاهراً لانتخاب رئيس للجمهورية، ولا قرار بدفع المجلس النيابي الى القيام بمسؤولياته، ولا الحكومة عازمة على تنفيذ الاصلاحات، وكذلك الادارات العامة في شلل تام، بعدما رفض موظفو القطاع العام التقديمات التي اقرها مجلس الوزراء، وقرروا استمرار الاضراب. وهكذا يسير البلد بسرعة نحو الارتطام، اذ لم يعد هناك دولة تعمل على الخروج من هذه الهوة السحيقة التي اوقعتنا المنظومة فيها. ما تبدل هي اللهجة التهديدية التي اعتمدها فريق الممانعة من خلال تصريحات اوحت بعامل القوة التي تريد فرض كل ما يرغب به هذا الفريق، دون اعتبار للفريق الاخر. وقد خيره بين القبول بمرشحه او العزلة. وتقول المعارضة ان فريق الممانعة يستغل الدعم الفرنسي اللامحدود وفقاً لمصالح خاصة، غير عابىء بخطر الانحياز الى فريق دون الاخرين. والحافز الاخر الذي يعتمد عليه الفريق الممانع هو تشرذم المعارضة وعجزها عن لملمة صفوفها والاتفاق على مرشح يواجه مرشح الفريق الاخر، بعدما تبين ان لا حظوظ للنائب ميشال معوض، اذ ان عدد مؤيديه لم يرتفع عما هو عليه منذ اللحظة الاولى للترشيح.
يقابل هذا الوضع المتأزم حركة خارجية لا يعرف ما اذا كانت ستحمل الحلول للازمات اللبنانية المستعصية. اليوم يصل الى بيروت وزير خارجية ايران امير عبد اللهيان في زيارة رسمية تستمر يومين، وقد حددت له ثلاثة مواعيد ليوم غد الخميس، مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب. ولم يعرف ان كان يحمل معه اي اقتراح للبنان، انطلاقاً من التقارب السعودي – الايراني. والاسبوع المقبل يصل ايضاً نائب وزير الخارجية الصيني، كما ان وزير الخارجية القطري سيعود الى لبنان في وقت قريب بعد زيارته الاستكشافية التي قام بها مؤخراً. فعسى ان يثمر هذا التحرك الخارجي بعدما فقد الامل باي مبادرة داخلية تنقذ الوضع.
في هذا الوقت عادت الى الواجهة قضية النزوح السوري الذي بدأ يأخذ طابعاً خطيراً للغاية، وينذر بمواجهة مع اللبنانيين الذين لم يعودوا قادرين على تحمل وجود حوالي المليوني سوري يسرحون ويمرحون وينافسون اللبنانيين على لقمة عيشهم، والسواد الاعظم منهم ليسوا لاجئين، وهم يتنقلون بين لبنان وسوريا بصورة دائمة، وقد رأيناهم يتظاهرون في لبنان دعماً للرئيس السوري بشار الاسد. فما هو المانع اذاً من عودتهم الى بلادهم؟ ان الاتحاد الاوروبي الذي يخشى ان يتحولوا اليه في حال مغادرتهم لبنان، يبذل ما في وسعه ويغدق الاموال على النازحين لتشجيعهم على البقاء، رغم علمه الاكيد بان هذا العبء فوق طاقة لبنان. والاغرب من ذلك كله انه يقفل حدوده بوجه اي لاجىء ويبني الجدران المانعة لتسللهم. وهو يستغل العجز الحكومي اللبناني على الوقوف بوجهه واطلاق «لا» عريضة. فهي المسؤولة الوحيدة، وهي التي تحدد سياسة لبنان وقوانينه، لا الدول الاوروبية ولا المنظمات الدولية المتشاركة معها. كفى تخاذلاً لقد حان الوقت لاتخاذ موقف وطني يحفظ مصلحة البلد وشعبه. ولا يقتصر العجز الحكومي على قضية النازحين، بل حيال اصغر المشاكل الداخلية. اشهر طويلة مرت والادارة معطلة وموظفو القطاع العام يبدو ان التعطيل استهواهم، وهم مستمرون في توقفهم عن العمل وتعطيل مصالح الناس. نعم ان الوضع الاقتصادي مذرٍ، ولكن قدرة الدولة هي ايضاً في الحضيض. سبعة اضعاف ارتفعت الاجور فهل يطلبون المستحيل؟
رئيس الحكومة دعا الى اجتماع يعقد في السرايا هذا الاسبوع يحضره ممثلو موظفي القطاع العام والاتحاد العمالي للبحث في ما آلت اليه الامور، بعدما وصلت الى حد لم يعد يطاق. فهل هناك بوادر حلحلة لهذا الجمود القاتل. امام كل اجتماع او زيارة مسؤول خارجي، وامام اي تصريح يصدر من هنا وهناك، نعلل النفس بالخروج من المأزق، وسرعان ما تخيب الامال لان هذه المنظومة المتحكمة بالبلد لا خير يرتجى منها. ولا حلول على ايديها ولذلك يرفض اللبنانيون ان يأتي رئيس للجمهورية يكمل مسار الانحدار نحو الهوة السحيقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق