سياسة لبنانية

ما هي حظوظ الحوار المتوقع بين المستقبل وحزب الله في النجاح؟

تقول مصادر ناشطة على خط إطلاق الحوار بين المستقبل وحزب الله إن تيار المستقبل يريد لهذا الحوار هدفاً محدداً هو التفاهم على رئيس جديد للجمهورية بعد انتهاء المبارزة الى توازن سلبي بين مرشحي 8 و14 آذار… ويريد أن يكون الحوار على رئاسة الجمهورية البند الأول وأن يكون انتخاب الرئيس مدخلاً الى حوار سياسي واسع في ما بعد.

ولهذا السبب فإن تيار المستقبل أبدى استعداداً في مرحلة «الحوار الرئاسي» لأن يكون حواراً من دون شروط مسبقة بما فيها تلك المتعلقة بقتال حزب الله في سوريا، وبسلاحه في لبنان، وتطبيق الخطة الأمنية في مناطقه… ولكن إذا كان تيار المستقبل ربط بين الحوار ورئاسة الجمهورية، فإن حزب الله رد بالربط بين رئاسة الجمهورية والعماد عون، بمعنى أن الحوار حول الرئاسة يمر عبر الرابية ولن يكون بمعزل عن عون وإنما عبره وبالتعاطي معه على أنه «جزء من الحل وليس جزءاً من المشكلة». هذا الربط لم يتقبله المستقبل والأمور متوقفة عند هذا الحد بانتظار حدوث تغيير في موقف أحد الطرفين.
وكان حزب الله قد ارسل عبر أقنية سياسية وسيطة مع تيار المستقبل رسالة سياسية تفيد أنه منفتح على الحوار في كل الأمور الأمنية والسياسية والحكومية من دون شرط، وهو ينتظر من الرئيس سعد الحريري إبلاغ الموافقة، وتحديد مستوى التمثيل في الحوار وجدول الأعمال. ولكن الحوار لا يتضمن بند رئاسة الجمهورية لأن موقف الحزب واضح في أن لا مساومة على اسم العماد ميشال عون…
وجواب المستقبل على هذه الرسالة كان أنه مع حوار يكون موضوع انتخاب رئيس الجمهورية البند الأول على جدول أعماله.
والزيارة التي قام بها وفد حزب الله إلى الرابية حمّالة أوجه بالنسبة إلى تيار المستقبل. من وجهة نظر المقربين من الرئيس سعد الحريري، ما يفعله حزب الله مع الرجل أنه «يحاول طمأنته إلى أن أي تسوية ستحصل سيكون هو شريكاً في صياغتها». ويذهب هؤلاء إلى القول إن «أحد أهداف الزيارة، ربما يكون إقناع عون بأن الحوار بين المستقبل وحزب الله لن يكون على حساب الرئاسة». برأيهم أن «التفاهم مع الفريق الأقوى في الطائفة السنية هو هدف استراتيجي لحزب الله الذي يعرف أن لا بديل عنا». في المقابل، ثمة في تيار المستقبل من يقول «بأننا خسرنا ميشال عون وأعدناه إلى حضن حزب الله». وبعد تأليف الحكومة «أصبح هناك نوع من تطبيع العلاقات بين المستقبل وحزب الله، وهذا التطبيع قائم على قاعدة إبقاء الوضع في البلد على ما هو عليه بانتظار ما سيحصل في المنطقة، أي عدم إنتاج سلطة في أي من المؤسسات، وتحديداً رئاسة الجمهورية لعلمهما بأن ذلك سينهي التطبيع غير المعلن».

«سر» تفاؤل بري الرئاسي
و«التفاؤل الرئاسي» عند الرئيس نبيه بري يُعطى تفسيران: الأول يقول إنه يستند الى معطيات مشجعة داخلياً وخارجياً تبدأ بانخفاض مستوى التوتر السياسي بين المستقبل وحزب الله وتوافر أجواء مهيأة لحوار ثنائي، وبقيام خريطة نيابية جديدة مررت التمديد ويمكن لها في لحظة ما تمرير الرئيس التوافقي، وتنتهي الى المتغيّرات الإقليمية بعدما أعادت «حرب داعش» خلط أوراق المنطقة وأدت الى التقريب بين السعودية وإيران ونقل الأزمة السورية من المسار العسكري الى المسار السياسي… وأما التفسير الثاني فإنه يعتبر أن الرئيس بري يبني تفاؤله على رهانات وتوقعات إقليمية ودولية وسط ظروف معقدة، الاتفاق النووي فيها عالق وربما مؤجل، والعلاقة السعودية – الإيرانية متحسنة ولكنها هشة، والحل السياسي في سوريا لن يكون قبل جلاء مصير «داعش» في المنطقة والاتفاق على مستقبل الأسد في سوريا.
وبالتالي فإن تفاؤل بري الرئاسي عائد لأسباب محلية، وإن كانت هناك عوامل دولية ضاغطة وآخرها البيان الصادر عن مجلس الأمن ويحث على التعجيل في انتخاب الرئيس. وما يهدف إليه بري هو احتواء سلبيات وعاصفة التمديد وتحويل الأنظار عنه وتهدئة الساحة المسيحية وتطمينها بأن الخطوة التالية ستكون انتخاب رئيس الجمهورية، بالتلازم مع فتح  ملف قانون الانتخابات الجديد. ولكن تحريك أي من هذين الملفين لا يعني أن فرصة تنفيذهما وإنجازهما متوافرة طالما أن أي تغيير جدي وجذري في المعطيات الداخلية والإقليمية لم يحدث…

 الرهان على متغيّرات
ويسود ميل لدى أوساط سياسية فاعلة في لبنان الى الربط بين الوضع في لبنان والتطورات في المنطقة والمراهنة على انعكاسات إيجابية لتطورات ومتغيّرات مرتقبة مثل الاتفاق النووي مع إيران وانفراج العلاقات السعودية – الإيرانية، خصوصاً على صعيد الملف الرئاسي بما يقود الى تحريكه وإخراجه من حال المراوحة والدوران في حلقة مفرغة… هل هذا الرهان في محله؟
ترى مصادر مراقبة في بيروت أن لا مؤشرات الى متغيّرات إقليمية قريبة من شأنها إحداث اختراق إيجابي في لبنان. فالاتفاق النووي الإيراني تتساوى فيه احتمالات النجاح والفشل. فضلاً عن وجود معطيات عن أن رغبة إيران ودول الغرب، ولا سيما واشنطن في عدم إفشال محادثات النووي قد تقود الطرفين الى صيغة بين الفشل والاتفاق النهائي، بتجزئة الحلول، وفي وقت يتبادل كل من المسؤولين الأميركيين والإيرانيين نفي استعداد أي منهما للبحث في الأزمات الإقليمية بموازاة محادثات النووي ويصر على إنهاء ملف النووي أولاً. كما أن تحوّل الأولوية في المنطقة الى محاربة «داعش» والإرهاب، يحتم مقاربة مختلفة للصراعات والأزمات الإقليمية.
وتستبعد هذه الأوساط أي تغيير في خريطة المواقف الإقليمية وحصول تبدل في العلاقة الإيرانية – السعودية، لأن هذه العلاقة لم تخرج عن إطار الصراع الذي تحكّم بها في شكل تصاعدي في السنوات الماضية على رغم بعض الإشارات الانفتاحية التي لا تلبث أن تتراجع. وعلى رغم أن الرياض حققت تقدماً يسمح بتوقع قيام نوع من التوازن مع طهران وبالتالي الجلوس إلى الطاولة، فإن الأخيرة ما زالت تعتبر أن لها اليد الطولى في المنطقة، الأمر الذي دفع الأولى إلى اتهامها بأنها قوة احتلال في سوريا وفي الدول التي لها وجود فيها مثل العراق ولبنان. وفيما يعتبر الجانب الإيراني أنه استطاع الرد على إضعاف التركيبة التي رعاها في بغداد، باحتلال الحوثيين مناطق واسعة من اليمن، فإن خصوم طهران يعتقدون أنها غرقت في حروب قوى متصارعة ستتحمّل القيادة الإيرانية كلفتها الاستنزافية. يضاف الى ذلك الموقف من الأزمة في سوريا وإحداث التغيير فيها ما زال متباعداً بين دعم طهران حكم بشار الأسد، وإصرار الرياض على حل يُبعد الأخير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق