سياسة لبنانيةلبنانيات

حادث القرنة السوداء الاليم التحقيق الشفاف والسريع وحده يطفىء نار الفتنة

الطبقة السياسية تخلت عن واجباتها فهل يحمل لودريان الحل السحري؟

في اجواء من الحزن العميق والغضب شيعت بلدة بشري ابنيها الشهيدين هيثم ومالك طوق اللذين سقطا برصاص مجهول المصدر حتى الساعة، بانتظار التحقيقات التي تجريها مخابرات الجيش والقضاء المختص لجلاء الحقيقة ورسم صورة كاملة عما جرى. وما بات معروفاً ان خلافات مزمنة قائمة بين ابناء بشري وبقاعصفرين في الضنية على حدود، تقاعست الدولة عن رسمها رغم تقديم طلبات ودعاوى بهذ الخصوص منذ اكثر من عشرين سنة. فلا القضاء حسم في القضية ولا الجهات العقارية ولا الحكومات الغائبة عن مصالح الناس. لذلك وفي كل عام، وبمثل هذا الوقت، تحصل مناوشات بسبب خلاف على المياه. فبشري تعتبر مصادر الماء ملك لها، لانها واقعة في اراضيها وان ما يحصل من الجهة المقابلة مخالف للقانون وعبثاً جرت محاولات كثيرة لحسم هذا الموضوع، وتحديد الحدود واعطاء صاحب كل ذي حق حقه. فالدولة ومنذ سنوات طويلة غائبة عن مواقع المسؤولية، لا تهتم الا بمصالحها الخاصة دون ان تلتفت الى الشعب، الا عندما تمد ايديها الى جيوبه.
شارك في تشييع جثماني هيثم ومالك طوق عدد كبير من الشخصيات السياسية والنيابية والشعبية الى جانب المئات من ابناء بشري. ومر النهار بهدوء رغم الغضب العارم. لقد استطاع الجيش ان يفرض الامن ويبسط سلطته، ووأد الفتنة التي يخشى ان يكون الحادث الاليم اكبر من خلاف على مياه وحدود، بل ان تكون له اهداف سياسية الغاية منها زرع الفتنة بين ابناء البلد، وهذا ما يحاول التحقيق جلاءه وبسرعة.
ترأس صلاة الجنازة البطريرك الماروني بشاره الراعي الذي القى عظة قال فيها انه لو قام القضاء بعمله لما كنا وصلنا الى مأساة القرنة السوداء. واشار الى ان الخوف هو من ان يستمر القضاء بتخاذله، فيفلت المجرمون من يد العدالة، وسيشرع ذلك الابواب امام هذه الجرائم. واضاف نطالب بالعدالة في ترسيم الحدود، وانهاء هذه المسألة الشائكة، وبقيام الدولة. وتابع لطالما دافعنا عن ارضنا وقدمنا الشهداء بشكل كامل وشامل. نعرف حدودنا ونؤمن بالدولة ونعرف القاتل، وهذه ليست مجرد حادثة عبرت ثم ننسى.
من هنا كانت الدعوات الى تحكيم العقل واجراء التحقيق الشفاف والكامل. فان نجح في كشف المجرمين وساقهم الى السجن يساهم بتهدئة الخواطر والنفوس، والا فان اي تقاعس او تقصير، سيؤسس لعنف اشد وادهى. وكانت قد صدرت دعوات من عائلة الشهيدين باحترام مشيئتهما وعدم اطلاق الرصاص والاكتفاء بالصلاة. كما صدرت دعوات من الاتحاد البلدي للغاية عينها.
في هذا الوقت ترأس محافظ الشمال القاضي رمزي نهرا في مكتبه في سرايا طرابلس اجتماعاً لمجلس الامن الفرعي جرى خلاله بحث تداعيات احداث القرنة السوداء.
ان الهدوء الذي رافق الجنازة لا يعني انه تم التسليم بما جرى، بل ان ابناء بشري والمنطقة ينتظرون نتائج التحقيق، وعلى اساسها تتخذ المواقف، وكما يقول ابناء بشري ان دم هيثم ومالك لا يمكن ان يذهب هدراً. فهل ينجح الجيش والقضاء في طمأنة النفوس وتدارك اي محاولة لاشعال الفتنة؟ الكل ينتظرون.
على الصعيد السياسي لا يزال المشهد على حاله من التعطيل والتصلب في المواقف، ولا يزال السياسيون يثبتون للملأ ان مصالحهم الخاصة هي فوق مصلحة الوطن والشعب. ان الحل لهذه الازمة المستعصية، التي تتكرر عند كل انتخاب رئيس، او تشكيل حكومة او تعيين موظف فئة اولى، هو في تخلي من يملكون سلطة الحل والربط عن انانياتهم ومصالحهم وان يقدموا وطنيتهم على كل ما عداها، وهذا ما ليس وارداً حتى الساعة. اما انتظار الخارج وبالتحديد عودة الموفد الشخصي للرئيس الفرنسي، فلن يحمل معه الحلول السحرية، ولن يكون احرص على لبنان من اهله، خصوصاً وان الدول الداعمة للبنان منشغلة بامور كثيرة وقضايا دولية تجعل الملف اللبناني في الدرجة الثانية. وكل ما يمكن ان يحمله لودريان متى عاد الى بيروت، صيغة حوار، لا يعرف ما ستكون عليه النتائج ان مشاكل الاوطان لا تحل الا بجهود ابنائها فمتى غابت سقط الهيكل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق