حواررئيسي

محمد عبد الحميد بيضون: الانتصار المزعوم لحزب الله في سوريا توريط للشيعة في حرب سنية – شيعية

رأى الوزير والنائب السابق محمد عبد الحميد بيضون «أن زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الى السعودية تأتي في توقيت لم يعد فيه حزب الله يقول «الموت لأميركا» بل «الموت للسعودية» لأنه يعتبر نفسه يحارب السعودية في سوريا». وأكد «أن الانتصار المزعوم لحزب الله في سوريا هو ورطة للطائفة الشيعية بأكملها». واضاف: «اذا كان حزب الله يعتقد بأن هذا السلاح باق الى الابد وحتى ظهور المهدي، لا، فالحزب قريباً عند الاتفاق الاميركي – الايراني ذاهب الى التقاعد». وفي ما يلي وقائع الحوار كما أجرته مجلة «الاسبوع العربي» مع الوزير السابق بيضون.

ما تعليقك على زيارة الرئيس ميشال سليمان الى السعودية ولقائه الملك عبدالله بحضور الرئيس سعد الحريري والتي ترافقت مع حملة على المملكة قادها بشكل أساسي حزب الله؟
هذه الزيارة مهمة جداً للبنان لأنها ضد سياسة حزب الله الذي جرّب عزل لبنان عن المحيط العربي وعن دول الخليج خصوصاً، ما يعني ضربة كبيرة للاقتصاد اللبناني وضربة ايضاً لكل اللبنانيين العاملين في الخليج. فالرئيس سليمان في زيارته للمملكة يؤكد أن سياسة حزب الله مرفوضة من معظم اللبنانيين، وأن التواصل اللبناني مع الخليج مستمر والعلاقات ستنمو وتقوى. والنقطة الثانية المهمة هي أن الزيارة تأتي في توقيت لم يعد فيه حزب الله يقول «الموت لأميركا» بل «الموت للسعودية» لأنه يعتبر نفسه يحارب السعودية في سوريا، فلهذه الزيارة معنى ايضاً لناحية رفض لبنان لكل ممارسات حزب الله ومواقفه تجاه السعودية واعتبار أن سياسة المملكة هي سياسة توازن في المنطقة. أما مشاركة الرئيس الحريري في اللقاء مع الملك فتعني دعماً لسعد الحريري ولقوى 14 آذار وأن هذا الدعم يجب أن يُستثمَر في اقامة توازن وطني في لبنان.
هل لأجل هذا نظر حزب الله بريبة الى زيارة الرئيس ميشال سليمان الى السعودية وسمعنا النائب محمد رعد يرفض إعطاء لبنان جائزة ترضية لأحد؟
البلاد بحاجة الى مبادرة متوازنة، لأن حزب الله الذي كان يستبيح البلاد في ظل تصاعد النفوذ الايراني بات اليوم مرعوباً من عودة النفوذ السعودي الى المنطقة، وكلام النائب محمد رعد الأخير كان نوعاً من التهديد للسعودية، فأنتم جيش من لتهددوا السعودية؟ وعلى اي اساس تهددون المملكة؟
والحزب اليوم مرعوب من أمرين: السيارات المفخخة والانتحاريين الذين سيفخخون انفسهم لأنه ورّط الضاحية بالقتال في سوريا ولا يريد أن يشعر جمهور الشيعة أنه ورّطهم، بل يريد أن يملأهم انتصارات، وعلى ماذا انتصر لا ندري؟ واليوم الضاحية مرعوبة، نظراً لانطباعها بطبعة سياسية على عكس المناطق الأخرى. فلماذا تستهدف السيارات المفخخة الضاحية الجنوبية لبيروت؟ لأن حزب الله والرئيس نبيه بري اعطيا هذه المنطقة طابعاً سياسياً معيناً، وبالتالي على الحزب سحب الصور والشعارات من المنطقة لكي يعيش أهلها بأمان وسلام، فلا مجال لازالة المخاوف من دون ازالة الصبغة السياسية عن هذه المنطقة، فالحزب لديه قلق أن يتخلى جمهوره عنه لأن تجربته في الضاحية عندما فرض الأمن الذاتي شكلت نوعاً من الانتفاضة من قلب الضاحية، فاضطر الى رمي المسؤولية على الدولة لأنه بات مدركاً أن علاقته مع جمهوره بدأت بالتصدع.

 ورطة للطائفة
ولكن النائب محمد رعد اتهم تيار المستقبل بسعيه الى طعن المقاومة بالظهر ولذلك كانت معركة القصير والانتصار؟
الانتصار المزعوم في سوريا هو ورطة للطائفة الشيعية بأكملها، وهم لا يقدرون على تحمله في المطلق، لأنه تم توريط الشيعة في حرب اقليمية سنية – شيعية، بدل السعي الى محاصرة الأزمة، فكيف يستطيع الشي
عة في لبنان تحمل وزر هذا الدم الذي يسقط في سوريا، خصوصاً اذا استمرت الأزمة في سوريا لسنوات؟ وحديث النائب ميشال عون الأخير يؤكد أنه لولا ذهاب حزب الله الى سوريا لكان السوريون دخلوا الى لبنان، هذا كلام هلوسة وهذيان ويشير الى انبطاح عون الكامل أمام الحزب وهو مدرك للخطر على لبنان. اما بالنسبة الى التخاطب مع الآخرين من قبل حزب الله فليست لديهم لغة تخاطب إلا قطع رؤوس ونزع إحشاءات، والنائب محمد رعد بات على مسافة خطاب واحد من آكلي القلوب.
ما تعليقك على قول الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أنه لو لم يذهب الحزب الى سوريا لتحوّل لبنان الى عراق ثان؟
ها هي طرابلس وعلى الرغم من 18 جولة من الاذلال لم تنتشر فيها القاعدة، وهذا دليل على ان كلام نصرالله هو للاستهلاك ولتبرير وقوفه مع نظام مجرم وقاتل هو نظام الرئيس بشار الأسد، وبالتالي هذا الكلام لا اساس له. اليوم فكرة الضربة الاستباقية هي فكرة قتال عن نية مسبقة، وهذه الفكرة هي نظرية اسرائيلية اجرامية، وبهذه النظرية دمّر الاسرائيلي لبنان، تحت ذريعة ان لبنان يفتح المجال أمام الفصائل الفلسطينية لضربها.
وماذا عن قول نصرالله ان محور الممانعة انتصر في سوريا وال
محور الآخر إنهزم؟
حزب الله وايران متهافتان على الأميركيين ويسعيان الى توقيع اتفاق مقابل النووي الايراني، وبالتالي من يتهمانهم بشن مؤامرة على سوريا يسعيان الى توقيع الاتفاق معهم، والرئيس الايراني يسعى الى عقد اتفاق سريع ضمن ستة أشهر، وبالتالي المشروع الذي سمي ممانعة هو تضليل للرأي العام وهو مسعى لمد النفوذ الايراني، فسوريا في عهد الرئيس حافظ الأسد كانت متمسكة بستار الهوية العربية، حتى لبنان عندما وقع اتفاق الطائف كان ينص على عروبة لبنان، أما اليوم فأين هي سوريا وأين هو لبنان؟ فحتى حزب الله أخرج لبنان من عروبته ويسعى الى تحويله الى مستعمرة ايرانية وهذا الأمر ينطبق على سوريا التي سعى الرئيس بشار الأسد الى تحويلها الى هدية لايران. ومن هنا، هناك سياسة نفوذ ايرانية، بتسهيل من الولايات المتحدة عبر اطاحة الرئيس صدام حسين، وهي اعتقدت نفسها امبراطورية الى ان اصطدمت العام الماضي بالواقع الاقتصادي الصعب. والايرانيون انتخبوا حسن روحاني، المعروف بأنه ضد المرشد الايراني، لأنه يريد توجيه رسالة الى المرشد مفادها أن سياستك فاشلة، وأن سياسة النفوذ التي تسعى اليها يجب أن تنتهي، وروحاني يسعى لانهاء هذه السياسة. وبالتالي فان
حزب الله بات قريباً من التقاعد فهو عليه أن يتعلم الزراعة، لأنه إذا كان يعتقد أن هذا السلاح باق الى الابد وحتى ظهور المهدي، لا، فالحزب قريباً عند الاتفاق الاميركي – الايراني ذاهب الى التقاعد.

تدخل
وماذا عن تدخل وزير الخارجية الأميركية جون كيري في الشأن اللبناني الذي وصفه حزب الله بالوقح والمرفوض والمدان؟
اذا كان تدخل كيري مرفوضاً، ماذا عن تدخل قاسم سليمان والايرانيين بالشأن اللبناني، أهذا تدخل ملائكي؟ وهنا من يقرر الوضع اللبناني؟ الايرانيون يقررون صورة الوضع في لبنان، وهذا كلام معيب خصوصاً ان الرئيس الأميركي باراك أوباما يؤكد أن الشرق الأوسط يعنيه ولا يريد أن يحرق يديه في المنطقة ولكن جرائم النظام الايراني والسوري تستدعي التدخل لأن العالم لا يستطيع بعد اليوم السكوت عن سقوط 125 الف قتيل وأكثر منهم معتقلون ومليون ونصف مليون بيت مدمّر.
كيف تصف الوضع في مدينة طرابلس في ظل تصعيد الخطاب السياسي بين ضفتي جبل محسن وباب التبانة؟
هم يحاولون أن يلعبوا بالمدينة لعبة طائفية، وأول يد امتدت الى طرابلس للعب على هذا الوتر هي يد حزب الله الذي ينفّذ اليوم في طرابلس سياسة سورية اي سياسة مذهبية عبر الاعتماد على تحريض العلويين ضد السنة، امتداداً لتحريض العلويين ضد السنة في سوريا.
ولكن حزب الله ورفعت عيد يتهمان السعودية بتغذية التوتر في طرابلس؟
أين كانت السعودية منذ ثماني سنوات؟ الحزب بدأ يتهم السعودية منذ أشهر، ولكن منذ العام  2008 كانت الجولات تتوالى وتهديدات آل عيد لطرابلس تنفّذ، وهناك شاهد أساسي يضع الكل تحت التهمة وهي أن جبل محسن المنطقة الوحيدة التي تملك مدفعية هاون، فكيف يسمح الجيش بدخول هكذا مدفعية الى المنطقة، ولماذا لم يسحبها؟
هل تعتقد بأن القوى الامنية ستنجح في اعتقال النائب السابق علي عيد أم سينطبق عليه ما ينطبق على المتهمين من حزب الله بإغتيال الرئيس رفيق الحريري؟
علي عيد سيهرب ولن يمثل أمام القضاء، وفي حال مَثُل أمام القضاء فهذا يعني أن حزب الله سيؤمن له كما أمّن للشيخ عمر بكري تبرئته من التعامل مع القاعدة على الرغم من اعترافه بهذا الموضوع، وهنا نعيد لنؤكد أن البلد بجيشه وقواه الأمنية وقضائه واقعون تحت ترهيب حزب الله، وهنا نؤكد أن حزب الله خرّب مؤسسات الدولة والقوى الأمنية والقضاء إضافة الى الاقتصاد، ونسأل: «الى اين يأخذ حزب الله البلاد؟» ولكن أحداً لا يمكن أن يجيب عن هذا السؤال.
كيف قرأت عقد جلسة للجنة الاعلام والاتصالات لبحث مسألة التجسس الاسرائيلي؟
هذه قصص بري التي أسميها بهلوانيات، فالبلد مشغول اليوم وحزب الله غارق في سوريا فيأتي ويخترع قصة ويقول إجمعوا اللجنة على طريقة ذر الرماد في العيون. فليضع حزب الله أبراجاً مثلما فعل الاسرائيليون على طول الحدود ولكنهم لا يتجرأون.

 خلاف بري – عون
ما جديد الخلاف بين الرابية وعين التينة في موضوع النفط برأيك؟
ما يجري
بين الرابية وعين التينة يسمى حرب العمولات النفطية، لأن كلاً من الفريقين شريك للشركة التي تقدمت بمنافستها حول هذا الموضوع وكل فريق منهم يريد تمرير شركته.
ألا تعتقد أن أحد أسباب الخلاف هو سعي الرئيس بري الى تلزيم كل البلوكات منعاً لأي اعتداء اسرائيلي على النفط اللبناني؟
هذه الأسباب تجارة باطلة، أنا أول من اكتشف وجود نفط في المياه الاقليمية اللبنانية في العام 2001 وقبل ذلك لم يكن أحد يتحدث في هذا الموضوع بل كانوا
يتحدثون عن وجود نفط في البر، وفي العام 2002 أعلنت ان لبنان أصبح بلداً نفطياً ودخلنا نادي البلدان النفطية، وهنا نسأل: «لماذا سكت الرئيس بري عن الموضوع النفطي عشرة أعوام وهو مدرك تماماً لوجود النفط في المياه اللبنانية؟»، وعندها لم يأخذ أحد كلامي على محمل الجد سوى اسرائيل التي سارعت الى تنفيذ دراساتها، وهي بدأت في هذا العام باستخراج النفط، كون تلزيم البلوكات البحرية للبدء باستخراج النفط بحاجة الى سبع سنوات، وبالتالي فان اسرائيل استفادت من خبرتنا وجدية في العمل، فيما بري والرئيس اميل لحود سكتا عن موضوع النفط نظراً لعدم رغبتهما في انجاز اي عمل في عهد الرئيس رفيق الحريري، فهم تركوا الموضوع عشرة أعوام ولا يستطيعون الانتظار بضعة اسابيع اليوم.
رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي دعا الرئيس بري الى عقد جلسات لتفسير الدستور، فرد عليه الرئيس بري «بلا لف ودوران» هل أنت مع عقد هكذا جلسة؟
صلاحية مجلس النواب هي في تفسير الدستور، ولكن رئيس المجلس لن يجرؤ على ذلك، لأنه لا يريد أن يخلق هذه السابقة، لأنه متى بدأ المجلس بشرح الدستور عندها لن يكون لديه أي دور ليلعبه، لأنه اليوم ينصّب نفسه على أنه الشارح والمفسّر للدستور، كونه فسّر نصاب الرئاسة والميثاقية، وهو لا يريد ان ينفذ المجلس صلاحياته بل يريد أن يسيطر ويستأثر على صلاحيات المجلس، لأنه اذا دعا المجلس الى تفسير الدستور سندخل بتفسير حوالي عشرين مادة وهذا لا يصب في خانة الرئيس بري، لأنه لا توجد مادة في الدستور تسمح لحزب الله باستعمال سلاحه.
وماذا عن اصرار الرئيس بري على جدول اعمال الجلسة التشريعية؟
الرئيس بري يضرب مبدأ توازن السلطات فلا يمكنك التشريع في ظل حكومة مستقيلة لا رأي لها فيه والحكومة التي ستتشكّل لا نأخذ رأيها. وكان بإمكان بري تعديل جدول الاعمال، فقوى 14 آذار يقولون له نمشي بالامور الطارئة وهذه الكلمة مطاطة،
ولكن العناد بات هو سياسة بري وليست المرونة.

 نفوذ
في الموضوع الحكومي نصح السيد نصرالله قوى الرابع عشر من آذار للقبول بصيغة 9-9-6 وإلا ستتغيّر الموازين بعدها؟
السيد نصرالله مقتنع، كما هو الحال لدى الرئيس السوري أن الاتفاق الايراني – الأميركي سيعطيهما نفوذاً أكبر، ولكنهما لا يريدان أن يريا أن النفوذ الايراني اليوم في مرحلة تراجع، في حين أن النفوذ السعودي في مرحلة تصاعد وهذا ما يشكل نوعاً من الهستيريا لدى حزب الله. فالسعودية غابت حوالي عشر سنوات، وهي منذ العام 2003 لم تتدخل في المنطقة، والنفوذ الايراني يمتد في المنطقة من اليمن الى البحرين وسوريا وحزب الله ومتفرعاته بما فيه النائب ميشال عون الذي كان جندياً صغيراً في الجيش السوري وهو قائد للجيش اللبناني، وهو يبرر تبريراً كاملاً مشاركة حزب الله في القتال في سوريا.
وماذا عن اعتبار الرئيس نبيه بري صيغة 9-9-6 فرصة ذهبية لقوى 14 آذار يجب عدم تفويتها؟
الهدف من كلام الرئيس بري القول إن رئيس الجمهورية ووزراءه هم 14 آذار. هذا كلام مسموم ورئيس الجمهورية متوازن ليس مثل بري، ومحاولات بري لزج رئيس الجمهورية في معسكر 14 آذار هي محاولات سيئة وغير لائقة.
كيف تقرأ تحركات النائب وليد جنبلاط؟
تموضع النائب وليد جنبلاط بات واضحاً، فهو لن يعطي الأكثرية لحزب الله لأنه اعطاه اياها في السنوات الماضية واستعملت لتهديم البلاد، كما أنه لن يعطي الأكثرية للرئيس سعد الحريري لأنه يخاف أن ينتقم حزب الله منه، وبالتالي فهو لن يعطي الأكثرية لأي فريق بل المطلوب منه ان يبحث عن تسوية، وعلاقته مع الرئيس بري عائق أمام البحث عن تسوية، وتمنعه من التفكير بطريقة متوازنة. فالنائب وليد جنبلاط يمكن أن يكون في مرحلة القدرة على اعداد مبادرة متوازنة، كالرئيس أمين الجميل، لكنه يتكل على نصائح الرئيس بري لأنه يسعى الى حماية نفسه.

حاوره: سعد الياس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق