سياسة لبنانيةلبنانيات

النزوح السوري اللاشرعي خطر وجودي والامن ينهار والوضع السياسي على همة لودريان؟

الدول المحيطة بنا كلها تسير الى الامام، محققة قفزات في التقدم والعمران، وقد بدأت بغزو الفضاء. وحده لبنان يسير القهقرة وبسرعة الى الوراء، متخلياً عن تاريخ ناصع عرف به على مر العقود الماضية. فلماذا هذا التبدل الكبير القاتل؟ هل تغير الشعب اللبناني؟ هل تغيرت اتجاهاته وقيمه؟ بالطبع قد يكون هذا هو السبب لان الاوطان تنهض بسواعد ابنائها.
الازمات تطوقنا من كل جانب سياسياً وامنياً واقتصادياً ومعيشياً ونحن سائرون وراء مصالحنا الانية الرخيصة، اذا ما قورنت بمصلحة البلد. امس كان مقرراً ان يعقد مجلس الوزراء جلسة لمناقشة النزوح السوري اللاشرعي، الذي يشكل خطراً كبيراً على لبنان. لقد كنا من المعارضين لعقد جلسات لمجلس الوزراء غير مكتمل الصلاحية، ولكن عندما يتعلق الامر بمصلحة البلد تزول كل الموانع. وعلى هذا الواقع لم يكتمل نصاب جلسة مجلس الوزراء وارتأى فريق من الوزراء الذين وصلوا الى الكراسي بناء على خيار داعميهم، ان القضية لا تستحق الاهتمام فغابوا عن الجلسة ونسفوها، فاستعيض عنها باجتماع تشاوري حضره قائد الجيش العماد جوزف عون ومدير عام الامن العام بالانابة العميد الياس البيسري. وكانت المفاجأة الصادمة في الارقام التي قدمها قائد الجيش عن النازحين غير الشرعيين، وقد وصف هذا التدفق عبر الحدود بالتهديد الوجودي. وبعد الظهر عقدت جلسة لمجلس الوزراء وبجهد كبير تأمن نصابها وشكلت لجنة برئاسة وزير الخارجية عبدالله بوحبيب للتوجه الى سوريا وبحث موضوع النزوح معها. ولكن هل يقبل بوحبيب المهمة ام ينسحب كما فعل في المرة السابقة؟
القضية الثانية التي تشكل خطراً كبيراً على البلد هي الاشتباكات العنيفة الدائرة في مخيم عين الحلوة والتي يسقط ضحيتها قتلى وجرحى، وتنعكس سلباً وبشكل كبير على الوضع اللبناني عموماً ومدينة صيدا خصوصاً. وقد شلت الحركة فيها وقطعت طرقاتها. ورغم كل الجهود التي بذلت وتبذل فان المعارك مستمرة ولم تتوقف وسقطت كل اتفاقات وقف النار، وكان اخرها يوم امس في اجتماع في مكتب مدير عام الامن العام بالانابة بحضور ممثلي الفصائل الفلسطينية، مما يؤشر الى ان القضية هي ابعد من خلافات عادية، بل انها تخفي وراءها اهدافاً كبرى ستظهر نتائجها على الارض. وكأن كان ينقص لبنان ان تدخل اسرائيل على الخط، فاعلنت ان ايران تبني مطاراً في الجنوب اللبناني على بعد عشرين كيلومتراً من الحدود، استعداداً لشن هجوم عليها. هذا التصريح اثار القلق ويتطلب توضيحاً من المسؤولين اللبنانيين ومن اليونيفيل، خصوصاً وان الدول العربية كلها تطبع علاقاتها مع اسرائيل وتركت لبنان يعاني وحده ويحمل وزر القضية الفلسطينية كلها على حساب ابنائه.
في هذه الاجواء الضاغطة يبدأ الموفد الرئاسي الفرنسي جان – ايف لودريان مهمته في بيروت التي وصل اليها ليلاً، وسيجتمع بالرئيس نبيه بري وبرئيس الحكومة نجيب ميقاتي وبقائد الجيش والبطريرك الراعي، ثم ينتقل الى لقاء رؤساء الكتل النيابية والمعنيين بانتخاب رئيس للجمهورية. فهل يحمل معه جديداً هذه المرة، ام ان دعوته الى الحوار لا تزال هي الاساس في اي مبادرة يطرحها، رغم فشل اي دعوة للحوار تسبق انتخاب رئيس للجمهورية. لودريان يأتي هذه المرة مدعوماً من اللجنة الخماسية وعلى الاقل سعودياً وقطرياً. فهو قبل مجيئه الى بيروت اجتمع في قصر الاليزيه بالمستشار السعودي نزار علولا وبالسفير السعودي في لبنان وليد البخاري. كذلك ينشط في الداخل سفير قطر الجديد بحيث يتوافق نشاطه مع الدور الكبير الذي تلعبه قطر لحل الازمة اللبنانية. وتردد ان موفداً قطرياً سيصل خلال ايام الى بيروت. لن نسترسل في التوقعات ونترك للاتصالات التي تجري في الساعات والايام المقبلة لتوضيح ما يحصل.
هذه الاجواء التي تسد كل افاق الحلول المطروحة تنعكس بصورة دراماتيكية على حياة المواطنين الرازحين تحت ثقل ما يجري، وهم يتطلعون الى اي كوة تفتح في جدار الازمة السميك لانتشالهم مما يتخبطون فيه من فقر وجوع وغلاء قاتل. فهم محرومون من الدواء ويستحيل عليهم دخول المستشفيات، فيما الحكومة عاجزة عن تقديم الحاجات الاساسية الضرورية لهم كالمياه والكهرباء وفرص العمل ووقف التهريب والتهرب الضريبي. هذه الحكومة التي اثبتت فشلها في انجاز الاصلاحات المطلوبة، حان الوقت لان ترحل، فقد ادت قسطها الكامل من الفشل الذريع وباتت الحاجة ملحة الى انتخاب رئيس وتشكيل حكومة قادرة تحقق بعض اماني المواطنين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق