دوليات

تركيا: محاولات لتجميد التحقيق في الفساد

ارتدادات الصراع الدائر في تركيا، بين الشرطة والقضاء من جهة وحكومة رجب طيب اردوغان من جهة ثانية مستمرة. وشملت مرحلتها الأخيرة، تسريح 350 من رجال الامن من بينهم 80 ضابطاً، في بداية هذا الاسبوع. فكانت عملية تطهير حقيقية، في بلد لا يشتهر بإحترام كبير لقواعد دولة القانون. و كانت اكثرية رجال الشرطة المطهرين، جرى تحويلهم الى وظائف اخرى. و ينعكس ما يدور في تركيا منه امد على الاقتصاد، فإزداد هروب المودعين الاتراك بالعملة الوطنية وتحويل ودائعهم الى عملات اجنبية. بحيث بلغت التحويلات حوالي 20 مليار دولار، في النصف الثاني من السنة الماضية، مقابل التخلي عن الليرة التركية، نتيجة فضيحة النفق تحت البوسفور. وبلغت الودائع في الدولار في 22 كانون الاول (ديسمبر) الماضي 119,3 مليار دولار. واشارت بيانات البنك المركزي الى ان قيمة الليرة التركية بالنسبة الى الدولار، بلغت في 6 كانون الثاني (يناير) الجاري 2,1948 دولار، وهو رقم تاريخي.
وفي بداية الاسبوع، جرى اعتقال 25 شخصاً آخرين في اطار قضية الفساد التي تفجرت في 17 كانون الاول (ديسمبر) والتي اصابت رؤوس السلطة في تركيا، وأدت الى اعتقال العشرات، بين سياسيين وموظفين كبار ورجال اعمال قريبين من رئيس الحكومة المتعاطف مع الاخوان المسلمين، اضافة الى ابناء ثلاثة وزراء اجبروا على الاستقالة. مما ادى الى تعديل وزاري واسع. وردت حكومة اردوغان، بإتهام مؤامرة دولية، كما كانت فعلت في اطار الاحتجاجات التي رافقت تدمير حديقة غرين بارك، قبل ان تسرح قيادات الشرطة التي تولت التحقيق في انقرة وسميرن واسطنبول وابعدت احد كبار القضاة عن التحقيق. واصدرت قراراً رفضته المحكمة العليا، لانه غير دستوري، يفرض على الشرطة التي تقوم بمهام الشرطة القضائية ابلاغ رؤسائها عن التحقيقات التي يقوم بها القضاء. ثم قرر مجلس القضاة والمحققين الاعلى، فتح تحقيق مع عدد من المحققين القضائيين ومع سلامي التينوك، الذي عيّن قبل شهر مديراً جديداً للشرطة، بعد ابعاد سلفه الذي كان تميّز بنشاطه في مكافحة الفساد، الذي ادى الى اعتقال ابن اردوغان. وكان اردوغان الذي كان جعل من مكافحة الفساد احدى قواعد عمل حكومته، جاء بالتينوك الذي ليس له اية خبرة في مسائل الشرطة الى اسطنبول على متن طائرته الخاصة. فأثار المزيد من الضجيج حول تدابير اعتبر المراقبون انها ترمي الى تجميد عمليات تحقيق جديدة حول الفساد.
ويرى محللون اتراك، ان وراء ما يجري حالياً في تركيا، يد الزعيم الاسلامي القومي فتح الله غولن، المقيم في الولايات المتحدة، و  ضبطاً ولاية بنسيلفانيا، ويتزعم تياراً اسلامياً، له قواعد واسعة في صفوف الشرطة والقضاء في تركيا. فتح الله غولن، كان حتى الامس من دعائم حكم اردوغان الاساسية، للوقوف في وجه العسكر والعلمانية في تركيا. الا ان التوتر المتزايد بين الاثنين تحوّل الى مواجهة مفتوحة في نهاية أيار (مايو) بعد ان ألغى اردوغان، المدارس الاعدادية لامتحانات الدخول الى الجامعات التي كانت مؤسسة غولن تملك اكثريتها. وعلى ضوء الاحداث الاخيرة، جرى إلغاء المباحثات التي كان من المقرر ان يجريها اردوغان مع رئيس الحكومة الايطالية، انريك ليتا في 17 كانون الثاني (يناير) في اسطنبول، لتحديد ما يسمى ب “التزام 2014”. وكأن الحكومتين في حاجة الى مرحلة تفكير.

جوزيف صفير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق