سياسة لبنانيةلبنانيات

عاد ميقاتي من غلاسكو متسلحاً بدعم اميركي – اوروبي ولكن ماذا عن الداخل؟

لو شكلوا حكومة محايدين غير مرتبطين سياسياً هل كان وقع التعطيل؟

يستأنف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اتصالاته الداخلية، بعد عودته من مؤتمر غلاسكو للمناخ، متسلحاً بتأييد ودعم اميركي – اوروبي. غير ان هذا «السلاح» ليس مجدياً اذا لم يترافق مع اتفاق لبناني داخلي يعيد الهدوء الى الساحة السياسية المتوترة، ويعيد الحكومة الى استئناف جلساتها والبلاد بامس الحاجة اليها. لقد شكلوا الحكومة التي يريدون، واختاروا وزراءها بانفسهم وسقطت الدعوات كلها الى حكومة اختصاصيين محايدين غير مرتبطين باي جهة، ومحور سياسي، ولو فعلوا لما كنا اليوم في الازمة الدبلوماسية التي يقف المسؤولون امامها عاجزين لان مفاتيح الحل ليست في ايديهم.
لماذا عطلوا الحكومة؟ يقولون انهم فعلوا ذلك للوقوف بوجه المحقق العدلي طارق البيطار، ولن يعودوا الا بعد «قبعه». حقاً انه موقف مثير للاستغراب. فالحكومة حكومتهم، التحقيق يجب الا يعنيهم طالما انهم يرددون يومياً انهم ابرياء. فعلى العكس يجب ان يمثلوا امام المحقق لاثبات براءتهم. الا يعلمون انهم زرعوا الشك في نفوس المواطنين بمواقفهم، وبات عليهم ان ينزعوا هذا الشك بالمثول امام القاضي. نحن ما يهمنا ويهم كل المواطنين عودة الحكومة الى العمل، في هذه الظروف القاسية على الجميع. فهناك المفاوضات مع صندوق النقد الدولي التي اذا نجحت الحكومة في ايصالها الى خاتمة سعيدة، تنفس الاقتصاد وانتعش وعاد يدور دورته الطبيعية، فتنصرف الحكومة الى معالجة هموم الناس، وما اكثرها. وهناك ايضاً الانتخابات التشريعية التي ينتظرها المواطنون على احر من الجمر لانها الوسيلة الوحيدة للتغيير. مع العلم ان هناك جهات تعمل بكل ما تملك من وسائل وقوة لتعطيل الانتخابات، لانها المستفيدة من بقاء الوضع على حاله.
لو كانت الحكومة مشكلة من اختصاصيين محايدين لا ارتباطات سياسية لهم، هل كان ينبري وزير لنسفها من الداخل كما فعل وزير الاعلام؟ وهل كان يخضع للضغوط بعدم الاستقالة وترك البلاد تنهار عبر تعطيلها؟ من هنا كانت الدعوات الى حكومة محايدين لا يتأثرون باي جهة سياسية.
ولا بد من توجيه سؤال الى المعطلين، هل تهمهم مصلحة الشعب اللبناني كله؟ ان كان الجواب بالايجاب فلماذا التعطيل وهم يعلمون انه مدمر. لقد شبع لبنان تعطيلاً وفراغاً، بحيث باتت ايام التعطيل اعلى من ايام العمل. ثم ان انصارهم اليسوا من هذا الشعب؟ افلا ينعكس التعطيل عليهم ويحرمهم الكثير؟ ان افضل الحلول العودة الى الضمير، ومراعاة مصلحة البلاد ان كانت تهمهم، واجتراح الحلول التي تنفذ دون ان تسيء الى احد.
صحيح ان ميقاتي عاد متسلحاً بدعم اميركي واوروبي وبدعوة لابقاء القنوات مفتوحة مع الخليج، ولكن الغرب لا يستطيع ان ينقذنا مما نحن فيه اذا كنا لا نريد ذلك. ان العيون شاخصة اليوم الى تحرك الرئيس ميقاتي الذي سيقابل رئيس الجمهورية ويطلعه على نتائج اجتماعاته في غلاسكو، ثم يجتمع الى رئيس مجلس النواب للغاية نفسها، وبعدها سينصرف الى اجراء الاتصالات بالاطراف المعنية، عله يستطيع فكفكة العقد، لانه يستحيل العمل على حل الازمة الديبلوماسية مع دول الخليج، قبل ترتيب الوضع الداخلي. وتوحيد الكلمة حول مصلحة لبنان والشعب اللبناني.
في هذا الوقت ينتظر وصول وزير خارجية قطر الى بيروت، بعد ان اخذ اميرها تميم بن حمد على عاتقه التوسط مع المملكة العربية السعودية لترتيب العلاقات اللبنانية – الخليجية. فالى اي مدى يمكن ان تنجح هذه الوساطة؟ لا نعلم اننا منتظرون.
الوضع سيء جداً ونحن بحاجة الى عودة مجلس الوزراء الى الاجتماع، والى اصلاح العلاقات مع دول الخليج، لانها الجزء المهم في اعادة ترميم الاقتصاد وبدء رحلة النهوض. فان كانت مصلحة لبنان تهمنا فلنقدم وننزع عنا الغايات الشخصية ولا ندع شخصاً اخطأ يعطل مسيرة الحل. وعلى وزير الاعلام الا يخضع للضغوط ويضع مصلحة البلد فوق كل اعتبار ويقدم استقالته طوعاً، فينقذ البلد ويخرج باقل خسارة ممكنة. اما اذا فشلت كل هذه التحركات والاحتمالات فلا يعود امام الرئيس ميقاتي سوى تقديم استقالته وفي هذه الحالة يعم الفراغ حتى نهاية العهد، لانه يصبح من المتعذر تشكيل حكومة جديدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق