سياسة لبنانية

حوار «المستقبل» – حزب الله… وتأثيرات «معركة القلمون»

على رغم خوض حزب الله معركة القلمون المصحوبة بكلام عالي النبرة من تيار «المستقبل»، واستمرار التحذير من تداعياتها على الداخل اللبناني، يستمر الحوار بين «المستقبل» وحزب الله الذي تردد أنه استاء من رد الحريري الأخير على السيد نصرالله وقوله إنه يكلف نفسه «بمهمة لا أخلاقية ولا وطنية ولا دينية»، الأمر الذي دفع البعض إلى الاعتقاد بأن الحزب لن يكمل مسيرة هذا الحوار.
وفي هذا الإطار، أكد ممثل «المستقبل» في الحوار النائب سمير الجسر «أن الحوار قائم حتى الساعة»، وقال: «طالما لم نتبلغ حتى الآن من الطرف الآخر أن الحوار توقف أو «تخربط» فمعنى ذلك أنه مستمر»… كما قال القيادي في تيار «المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش: «بتنا جميعاً مقتنعين بالمنطق، أن الحوار هو نوع من ورقة التوت التي لم تعد قادرة على تستير شيء، لكن عملياً هناك إصرار من الطرفين على الاستمرار في الحوار على أساس أنه لجنة ارتباط أكثر مما هو لجنة حوار».
وحول هذا الحوار وتأثيرات معركة القلمون عليه:
وتستبعد مصادر في 8 آذار أن يطلق حزب الله «رصاصة الرحمة» على الحوار، ولكنها تقول أنه لم يعد مرتاحاً أبداً لسلوكيات «المستقبل» إزاءه، فهو لم يطلب منه لا غطاء لمعركة القلمون التي يستعد لها دفاعاً عن لبنان أولاً وأخيراً، ولكنه توقع منه على الأقل الا يهاجمه، وأن يتم فرض «هدنة إعلامية» بين الجانبين بشكل أو بآخر. وتقول: «من حق الحريري أن يأخذ الموقف الذي يشاء، وقد يكون من حقه أيضاً أن يتبرأ من الحرب ضد المجموعات المسلحة والإرهابية المسلطة ضد كل لبنان، لكن ليس من حقه أبداً أن يغامر بل يقامر بالحوار كأنه لم يكن، ومن ثم يدعي الحرص عليه من دون توفير أي من مقوّماته». وترى هذه المصادر أن الحوار الذي يقع على وقع الشتائم والإهانات لا يمكن الرهان عليه، إلا إذا كان المطلوب أن يستمر في الشكل فقط تفاديا للسيناريوهات الأسوأ.
مصادر سياسية أخرى تقول إن المعادلة «الحوارية» الداخلية لن تتأثر بكل الضجيج الدائر حول «حرب القلمون» التي قد تطول فصولها، مشددة على أن الضمانة التي يؤمنها هذا الحوار هي مظلة الأمان التي تحمي لبنان في المرحلة الإقليمية الخطرة، وتبقي عليه متماسكاً ولو بالحد الادنى، في زمن الغاء الحدود الجغرافية بين الدول في المنطقة.
وتشير الى أن وضع القلمون الأمني طرح بين الحزب و«المستقبل» في جلسة الحوار الأخيرة خصوصاً أن هذا الملف فرض نفسه من أكثر من زاوية أمنية أولاً وسياسية ثانياً لجهة السجالات والحملات السياسية والإعلامية التي ترافق التقدم العسكري للحزب في أرض القلمون. وكشفت أن ممثلي «المستقبل» استمعوا الى عرض لكل التفاصيل المواكبة لهذه المعركة واحتمالات انعكاساتها داخلياً.
وإذ لفتت الى أن موقف «المستقبل» ما زال ثابتاً من ان التدخل العسكري للحزب في سوريا لا يخدم المصلحة اللبنانية، أكدت في الوقت نفسه أن المتحاورين عرضوا لدور الجيش في ردع المجموعات الإرهابية خصوصاً في ضوء تأكيد «المستقبل» أن المؤسسة العسكرية هي الجهة الكفيلة بحماية القرى اللبنانية ومنع أي تنظيمات ارهابية من التمدد في اتجاهها.
وانطلاقاً من هذه الصورة لمسار الجلسة الأخيرة من الحوار الثنائي، خلصت المصادر الى التقليل من حجم التهويل المسجل في الأيام الماضية لتداعيات معركة القلمون وخصوصاً بالنسبة الى نسف الحوار السني – الشيعي، معتبرة أن لبنان محيّد أمنياً وسياسياً عن هذه المعركة وذلك بقرار غير معلن من قبل كل الأطراف المتفقة بشكل مباشر أو غير مباشر على أنها غير معنية بمسار المعركة الأمني أو على الأقل حتى الساعة في المناطق السورية واللبنانية المتداخلة في القلمون.
أوساط متابعة للجلسات الحوارية التي أوجدت لقاء الضرورة بين حزب الله و«المستقبل» تقول إن موقف الحريري من البداية لم يتغير أو يشهد تبدلاً انما كان يتم ضبط الوضع والسيطرة على الانفعالات السياسية ليس أكثر، وما يجري اليوم من تصعيد في المواقف يعود الى استراتيجية كل من الطرفين في التعاطي مع موضوع الإرهاب وهي نقطة الخلاف بينهما من البداية.
وترى المصادر أن الحوار كان يتوقع له ان تنتظره محطات كثيرة واستحقاقات وأن يخضع لامتحانات عديدة، خصوصاً أن ثمة تباعداً كبيراً واقعاً بين الطرفين وخلافات في مجمل الملفات السياسية، ولعل أبرز ما يواجهه هذا الحوار الذي لا يمكن أن يتوقف ربطاً بخطورة الوضع اللبناني وما يحصل على الساحة الداخلية، هو في مدى تقبل القواعد الشعبية له وجمهور الفريقين، إذ إن ثمة شعوراً بعدم ارتياح واقتناع جمهور «المستقبل» أو جمهور المقاومة بجدوى الحوار ولا بنتائجه، فبالنسبة الى جمهور الضاحية لا يمكن تصور أن «المستقبل» سيتقبل الفريق الآخر ولا مقاومته أو مشاركته في القتال في الحرب السورية وأهمية سلاحه، وقناعة «المستقبليين» لا يمكن أن تزيح حبل الاتهامات الطويل بحق حزب الله والصادرة عن المحكمة الدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق