سياسة لبنانيةلبنانيات

فوضى شاملة ودولار يحلق وينشر الفقر والمنظومة لا يهمها الا نفسها واقفة تتفرج

الى متى سيبقى المجلس النيابي مستنكفاً عن القيام بواجباته الدستورية في انتخاب رئيس؟

قفز الدولار امس فوق كل الاحداث رغم بشاعتها، واحتل المركز الاول على صفحات الصحف ووسائل الاعلام كافة. لقد دق ابواب المئة الف ليرة في تصاعد جنوني لا يصدق وبسرعة قياسية. فانعكس على مختلف السلع والمواد الغذائية، ولم يوفر الرغيف التي اصبح سعرها يسابق ارتفاع سعر الدولار، وغالون المياه الذي اصبح بسعر البنزين. فازداد الفقر والبؤس واصبحت شريحة كبرى من الشعب اللبناني الباقي في البلد، تحت سلطة المنظومة التي اوصلت سياستها الى هذا الوضع الكارثي، عاجزة عن الحصول على ما يسد جوعها. ومن يبحث عن السبب لا يتعجب كثيراً، اذ ان كثيرين كانوا يدركون ان هذه السياسة الخاطئة القائمة على الفساد والمصالح الخاصة ستؤدي الى هذه النتيجة. ولكن ما يدهش ويغضب ان الجالسين على الكراسي، ويسمون انفسهم مسؤولين، يقفون متفرجين على ما يجري وكأن الامر لا يعنيهم. فلم نسمع منهم كلمة واحدة، ولم نلمس تدبيراً يوقف هذه المجزرة بحق اللبنانيين. ربما هم يعلمون انهم ليسوا على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقهم خطأ، فالتزموا الصمت، وحسناً فعلوا لان قراراتهم كلها خاطئة، ماذا فعلوا للجم سعر الدولار؟ ولكن هل يعلم اللبنانيون ان هذه المجزرة بحقهم هي من صنع المسؤولين انفسهم الذين ربما يعول البعض عليهم لايجاد الحل. فوزير المال وحاكم البنك المركزي يستعدان لمواجهة الزيادات التي ستقرها حكومة تصريف الاعمال، فاقدما على جمع الدولارات من السوق وكان هذا التصرف السبب في رفع سعر صرف الدولار الى هذا الحد. دون الاخذ في الاعتبار القدرة الشرائية لدى المواطنين، الذين لا يزالون يقبضون بالليرة اللبنانية فساهموا في رفع نسبة الفقراء الى مستويات غير مسبوقة في تاريخ لبنان. فهل هم يؤسسون لانفجار شعبي كبير يطيح كل شيء، ام انهم يتكلون على صمت الناس الذي طال كثيراً، الامر الذي شجع على هذه السياسة المدمرة؟
كل ذلك يجري والمجلس النيابي غائب تماماً عن الساحة على الاقل بالنسبة الى انتخاب رئيس للجمهورية، الذي هو مفتاح الحل لكل هذه المآسي. فمع انجاز هذا الاستحقاق الدستوري الاهم بين كل الاحداث، تتشكل حكومة تنصرف الى تحقيق الاصلاحات المطلوبة وتضع لبنان على طريق التعافي، ولكن يبدو ان المجلس النيابي مرتاح الى الوضع الراهن، وهو يتفرج على الانحدار السريع، دون ان يبادر الى اتخاذ خطوة واحدة في اتجاه الحل. أليس من واجب النائب ان ينتخب رئيساً، كي لا يبقى البلد بلا قيادة، خصوصاً وان الحكومة معطلة وهي تتحرك خلافاً للدستور والقوانين؟ هذا التصرف دفع بعض الكتل النيابية امس الى ان تنسحب من اجتماع اللجان الذي كان مخصصاً لدراسة بعض القوانين، احتجاجاً على اصدار مراسيم وقرارات في غياب رئيس للجمهورية وهذا غير مقبول لا شعبياً ولا دستورياً. فالحكومة هي لتصريف الاعمال في الحد الادنى. والمجلس النيابي هيئة انتخابية طالما انه يفشل في انتخاب رئيس. فالسفينة بدون ربان لا يمكنها ان تكمل طريقها. فان كانوا حريصين على البلد وعلى المصلحة الوطنية، فليسارعوا الى القيام بواجبهم الدستوري، وفي ما عدا ذلك مضيعة للوقت.
ابرز ما سجل امس كان على صعيد القضاء، والازمة الناشئة بينه وبين المصارف، والتي دفعت رئىيس الحكومة الى اتخاذ قرار ليس من صلاحياته، فامسك القضاء نفسه بالقضية، واصدر مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات تعميماً، جمد فيه مؤقتاً تحقيقات مدعي عام جبل لبنان مع المصارف الي ان يتم النظر في القضايا المتعلقة بعمله. فسارع رئيس الحكومة الى الترحيب بهذا القرار. فهل يعيد القضاء الامساك بسلطته بصورة كاملة، فيمنع الايادي السياسية من ان تمتد الى هذه السلطة التي يعول عليها في معركة اعادة انهاض لبنان، ويعيد الثقة به الى اللبنانيين جميعاً؟
بعد هذا القرار القضائي المهم، هل تعلق المصارف او تلغي قرارها بالاضراب، فتريح المواطنين، اذ يكفيهم حجز اموالهم في المصارف والبعض يقولون انها نهبت وبددت ولم يعد لها من اثر، فلا يجوز ان يحرموا من القليل القليل الذي يسمح به لهم.
انها الفوضى الكاملة، التي تجتاح كل القطاعات وتعطلها وتزيد من آلام الناس وفقرهم ودفعهم الى الجوع، امام منظومة فاسدة واقفة تتفرج على نحر المواطنين دون وازع من ضمير فالى متى الصبر، ومتى يتحرك الضمير، فيعمد المجلس النيابي الى القيام بواجباته؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق