رئيسي

رفض واسع للتجديد للمالكي: السيستاني يبتعد، والصدر يرفض، والخصوم يشككون بالنتائج

التقدم الذي احرزه ائتلاف نوري المالكي في الانتخابات التشريعية الاخيرة، اعطاه فرصة التشبث بموقعه، باعتباره صاحب الاولوية في تشكيل الحكومة بالتعاون والتنسيق مع تيارات اخرى. لكنه لم يحسم الموقف تماما لصالحه، لجهة انه لم يحصل على اغلبية تمكنه من تشكيل الحكومة بصورة منفردة.                                                                            

المالكي الذي حصل على 95 مقعداً، من اصل 328 مقعداً مجموع المقاعد البرلمانية، يحتاج الى تحالفات بحوالي السبعين مقعداً لكي يتمكن من تشكيل الحكومة. في حين تشير المعلومات المتسربة من هناك الى ان اتصالاته تواجه برفض قاطع من قبل تيارات سياسية واسعة.
في المقابل، هناك من يقرأ المشهد من زاوية مصلحية، ويرى انه يمتلك العديد من الاوراق التي يمكنه توظيفها لاستكمال تحالفاته والفوز بالرئاسة من جديد. وسط معلومات ترى انه ما زال صاحب الفرصة الاقوى بحكم تلك الاوراق التي تستجيب لمطالب بعض التيارات، وخصوصاً تيارات شيعية وكردية.
فقد صعد منافسو المالكي اعتراضاتهم على نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في 30 نيسان (أبريل) الماضي، مما قد يعرقل تشكيل حكومة جديدة ستكون برئاسته على الارجح. وفي هذا الصدد، يقدم خصوم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي طعوناً على نتائج الانتخابات التشريعية. وأبرز المعترضين على نتائج الاقتراع، أحزاب داخل وخارج الطائفة الشيعية قدمت ما يزيد عن ثلاثين طعناً، تتراوح بين تشكيك في تنظيم عمليات الاقتراع ومشاكل تخللت عملية نقل الصناديق وصولاً الى عمليات العد والفرز وتأخير اعلان النتائج. وهذا يعني انه بحاجة الى احد منافسيه الذين اعلنوا صراحة عدم رغبتهم في التجديد له لولاية ثالثة للانضمام الى تحالفه من اجل تشكيل حكومة اغلبية سياسية.
وقال المالكي في خطابه الاسبوعي الاربعاء ان «نتائج الانتخابات ينبغي أن تقبل بشفافية وروح متسامحة والا نسمع الصخب هنا وهناك من اجل التشكيك». لكنه اضاف ان «نجاح الانتخابات ووجوب الالتزام بنتائجها لا يعني اننا نبخس الناس حقوقهم، فيما لو كانت لهم حقوق او شكاوى او طعون».

مخالفات وخروقات
وقال رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي، والذي يعتبر اشد خصوم المالكي خلال لقائه بالسفير التركي في بغداد ان «الانتخابات جرت في ظروف قاهرة تخللتها العديد من المخالفات والخروقات». واشار النجيفي في بيان «الى ان العديد من الطعون قدمت اثناء الانتخابات وبعدها».
وقدم الائتلاف الذي يتزعمه النجيفي والذي يتكون من 23 مقعداً في البرلمان حصل على نصفها من محافظة نينوى التي ينتمي اليها، 23 خرقاً حصل اثناء الانتخابات.
من جهته، اعتبر ائتلاف الوطنية الذي يتزعمه رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي أن «تبعية وخضوع أجزاء مهمة من مفوضية الانتخابات لهيمنة أطراف سياسية جهوية نافذة يفقدها بالتأكيد القدرة على الحيادية». واضاف ان «انحيازها الواضح يخضع النتائج المعلنة لهذا التقدير المنحاز ايضاً مما يمنحنا الحق للمطالبة المشروعة باستعادة الاستحقاق الوطني والانتخابي».
ودعا علاوي «القوى السياسية العراقية إلى الوقوف بحزم  وبجدية ضد التزوير الذي حصل واللجوء إلى القضاء لتقديم الشكوى». وطالب بـ «إعادة العد والفرز اليدوي ومعاقبة كل من تسبب بالأذى للعملية الديمقراطية والوقوف ضد محاولات الاستئثار بالسلطة».
ولم تأتِ اتهامات التلاعب بنتائج الانتخابات من خصوم المالكي، فحسب انما جاءت هذه المرة من ابرز الاحزاب التي دعمته في ولايته الاولى والثانية الا وهو المجلس الاعلى بقيادة عمار الحكيم. وقال المتحدث باسم المجلس الاعلى بليغ ابو كلل انه تم استخدام السلطة والمال العام في الدعاية الانتخابية لكسب الاصوات بشكل مفرط. واضاف أن «اعداداً هائلة من قطع الاراضي وزعت على المواطنين اضافة الى وعود بتعيينات واسعة من قبل مرشحي اطراف محددة ذات نفوذ بالسلطة وتوزيع اموال طائلة تحت عناوين مختلفة». واضاف أن «ذلك يعد مخالفة صريحة، وكان على المفوضية أن تتخذ الاجراءات القانونية بحق كل تلك الاجراءات المخالفة». وقال طالبنا المفوضية بتقديم ايضاحات على عدد من النقاط التي قدمناها.
في الاثناء، أعلن المرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله علي السيستاني النأي بنفسه عن محادثات تشكيل الحكومة الجديدة، واستمرار مقاطعته للسياسيين المستمرة منذ 3 اعوام، احتجاجاً على فشلهم في تحقيق الامن والخدمات، بينما اعلنت الكتلة الصدرية انتقالها الى المعارضة في حال نيل المالكي ولاية ثالثة.

نفي السيستاني
ونفى مكتب المرجع السيستاني في النجف تقارير اشارت الى «أن المرجعية العليا ستوجه الدعوة لزعماء القوى السياسية لبحث تشكيل الحكومة معهم». وقال المكتب في بيان نشر على موقع المرجع «إن هذا الخبر عارٍ عن الصحة تماماً».
واشار الى أنه «لا صحة للانباء حول وجود نية للمرجع باستئناف استقباله السياسيين لبحث تشكيل الحكومة المقبلة». وكانت تقارير اشارت مؤخراً الى قرب انتهاء فترة مقاطعة المرجعية للسياسيين واستقبالهم بعد ابتعاد عنهم استمر ثلاث سنوات لفشلهم في انهاء خلافاتهم وخروج تظاهرات شعبية مطالبة بتحسين الاوضاع الامنية والخدمية.
وكانت المراجع الشيعية في النجف قررت عدم استقبال السياسيين تأكيداً لاستيائها من ادائهم وعدم التزامهم بوعودهم التي قطعوها لتحسين الوضع المعيشي في البلاد.
وقال الشيخ علي النجفي نجل بشير النجفي احد المراجع الاربعة الكبار في النجف، «قررت المرجعيات الدينية عدم استقبال أي سياسي في مكاتبها بالنجف». واوضح أن هذا الموقف جاء بسبب عدم التزام السياسيين بالوعود التي قطعوها من اجل تحسين الواقع المعيشي في العراق، وعدم التزامهم بتوصيات المرجعية الدينية. واضاف أن المرجعيات الدينية عبرت عن امتعاضها من تصرفات السياسيين.
وتابع: بعض المرجعيات لجأت الى وسائل مختلفة للتعبير عن هذا الامتعاض. فمنهم من اصدر بيانًا بهذا الخصوص، ومنهم من صرح بذلك، والمحصلة لهذا الامر أن المرجعية الدينية في النجف، ممتعضة من تصرفات السياسيين لذلك قررت عدم استقبالهم.
ومن جهته، أكد الشيخ عبد المهدي الكربلائي معتمد السيستاني أن السياسيين لم يلتزموا بالنصائح التي قدمتها لهم المرجعية وطالبهم بالكف عن التناحر السياسي. وقال في خطبة الجمعة الماضي بمدينة كربلاء إن المساحة الاوسع في هذا التناحر والاختلاف في الرؤى والافكار تتعلق بخلافات سياسية لا علاقة لها بمصالح البلاد.
من جهتها، اعلنت كتلة الاحرار النيابية الممثلة للتيار الصدري أنها ستلجأ للمعارضة في حال تولي رئيس الحكومة نوري المالكي ولاية ثالثة، واشارت الى اجرائها حوارات مع كتل عدة لتشكيل حكومة شراكة وطنية. وقال النائب عن الكتلة حاكم الزاملي إن «كتلة الأحرار ستلجأ الى المعارضة في حال تولي رئيس الوزراء نوري المالكي ولاية ثالثة» مبيناً أن «معارضة حكومة المالكي أفضل من المشاركة والدخول في حكومة ضعيفة صاحبة أزمات، لأنها لا تختلف عن الحكومات السابقة». وأضاف الزاملي أن «الحوارات واللقاءات لاتزال مستمرة مع الجميع لتشكيل الكتلة الأكبر داخل مجلس النواب، وتشكيل حكومة شراكة وطنية بدون استثناء أي مكون»، مشيراً الى أن «الأحرار تنتظر المصادقة على نتائج الانتخابات للاعلان عن تحالفاتها السياسية».
وكانت كتلة الاحرار اكدت مؤخراً أنها لن تدعم ترشيح رئيس الوزراء نوري المالكي لولاية ثالثة، لكنها أشارت الى أنها لا تمانع في ترشيح كتلة المالكي بديلاً عنه.

عشرة اسباب
وعلى الصعيد نفسه، رأت صحيفة نيويورك تايمز الاميركية أن هناك عشرة اسباب لعدم فوز نوري المالكي بولاية ثالثة لمنصب رئيس الوزراء.
وقالت إن اول هذه الاسباب خسران المالكي دعم المؤسسة الدينية الشيعية في النجف بسبب فشل الحكومة في إيقاف العنف و تصديرها أزمات سياسية متتالية، وثانيها رجوع المالكي الى سدة الحكم سيزيد من التوتر الطائفي، وثالثها أن هذا الرجوع سيرفع إحتمالات الحرب الأهلية، والسبب الرابع هو أن تشبث المالكي بالسلطة تجعل تحالفاته مربكة وغير واثقة به. والسبب الخامس إن رجوعه يعني إزدياد التدهور في علاقة الحكومة بالمكونات الأخرى الكردية والسنية، وسادساً إن بقاء المالكي يعني إستمراره في قمع معارضيه، وسابعاً، تقارير منظمات حقوق الإنسان حول إنتهاك حكومة المالكي للحقوق الأساسية بسبب إرتفاع نسبة  التعذيب في السجون ، والإعتقالات العشوائية ، والإعتقالات الطائفية. وثامناً بسبب مستوى فساد حكومة المالكي والذي وصل الى إطلاق سراح إرهابيين في مقابل رشاوى وأموال، وتاسعاً عدم تمسك إيران بشخص المالكي بل تمسكها بقوة الشيعة في العراق، وفي السبب العاشر قالت انه يعود لوجود قائمة طويلة من البدائل في قائمة المالكي وقوائم خصومه. واشارت الصحيفة الى أن المالكي عجز عن تمرير نفسه بطلاً شيعياً رغم دخوله في الأنبار، وقد بدأ نجمه يأفل بسبب عدم وجود إنجازات حقيقية لحكومته.
وتثير رغبة ائتلاف دولة القانون بولاية ثالثة لرئيس الحكومة الحالي نوري المالكي جدلاً سياسيًا واسعًا بين مختلف الكتل السياسية إلا أن غالبيتها تكاد تجمع على رفض منح ولاية ثالثة للمالكي، في وقت يؤكد ائتلافه دولة القانون انه سيمضي بقوة نحو الولاية الثالثة.

ا. ح
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق