أبرز الأخبار

لقاء عباس اوباما: ضغوطات اميركية لتمرير «يهودية الدولة» وتمديد المفاوضات

في حين يجمع البعض من المتابعين على الاهمية القصوى للقاء الرئيس الاميركي باراك اوباما مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ثمة من يحاول الغوص في اعماق وتفاصيل المشهد، ومن يعمل على استباق الامور املاً بالحصول على اضاءات يمكن البناء عليها في تفاصيل الخطوة اللاحقة.

ابرز الاضاءات التي يجري البحث عنها تتعلق بما اذا كانت اسرائيل فعلاً تريد التوصل الى اتفاق سلام؟ وما اذا كانت المفاوضات الجارية منذ اشهر عدة بقيادة وزير الخارجية الاميركي جون كيري قادرة على تهيئة الاجواء المناسبة للوصول الى اتفاق سلام؟ او – على الاقل – اتفاق اطار يمكن البناء عليه في الخطوات اللاحقة؟
ومع تمسك الطرفين «الراعي الاميركي»، والجانب الاسرائيلي بان الفرصة تكاد تكون «ذهبية» وان على الجميع استغلالها، الا ان المعطيات التي يجري التحرك ضمنها لا تؤشر على وجود رغبة حقيقية بالسلام الا ضمن شروط غير عادلة.
باختصار، وما يؤكد محللون تابعوا الملف هناك اسقاطات اسرائيلية اساسها «فرصة اسرائيل الذهبية» ومحاولات لتطبيقها على الطرف الاخر والترويج لفرضية انها تحقق مصالح الطرفين.
الاخطر في هذه النقطة، الاجواء المرافقة لتلك الصورة، حيث يتم الاستشهاد بحالة التراجع القائمة، والتأكيد على ان ما كان يعرض سابقاً كمادة للتفاوض اكبر بكثير مما يعرض حالياً. وان الامور تسير بانحدار شديد، وبالتالي محاولة اقناع الجانب الفلسطيني بالقبول بما يعرض عليه، لانه سيكون افضل بكثير مما سيعرض مستقبلاً في حال الرفض.
وسط تلك الاجواء، انعقد لقاء اوباما – عباس الذي تم التمهيد له على اساس انه «لقاء تاريخي»، يجب استغلاله وعدم اضاعة ما اتفق على تسميته بـ «الفرصة».

لقاء عباس – اوباما
لكن ما الذي حدث؟
كما كان متوقعاً، لم يخرج لقاء اوباما عباس باية نتائج ايجابية تذكر. فلا الرئيس الاميركي نجح في اختراق الخطوط الحمراء الفلسطينية، ولا الفلسطيني استطاع الرضوخ للضغوط التي مارسها سيد البيت الابيض بخصوص الملف الفلسطيني. حيث شارفت المهلة المحددة مسبقاً على النفاذ دون التوصل الى اتفاق، أو حتى قواسم مشتركة يمكن البناء عليها.
فكل ما يمكن الحديث عنه، التقدم الطفيف في ما يتعلق بامكانية تمديد فترة المفاوضات،  حيث جرى الحديث عنه من زاوية تقديم مساعدات مادية للسلطة الفلسطينية، والضغط على اسرائيل من اجل تسديد مستحقات مالية لصالح السلطة.
اما باقي المطالب، فلا مؤشرات على امكانية التدخل الاميركي بها، ولا اي امل بقبول اسرائيل باي شيء ايجابي بخصوصها. فالتحليلات تنظر الى هذا الملف من زاوية ان اسرائيل تريد استغلال فترة تمديد المفاوضات في التوسع الاستيطاني، وفرض واقع جديد. وبالتالي فإنها ترفض المطلب الفلسطيني بوقف الاستيطان خلال تلك الفترة، وتدفع بانها لم توقفه اصلا خلال المفاوضات الجارية، تحت الرعاية الاميركية.
وفي الوقت نفسه هناك رفض اسرائيلي للافراج عن معتقلين واسرى فلسطينيين تنفيذاً لاستحقاقات تفاوضية سابقة، حيث ربطت قيادات اسرائيلية بين الافراج وتحقيق تقدم في المفاوضات.
وفي الاثناء، هناك من ينظر الى هذا المطلب من زاوية ان الرفض الفلسطيني لمقترح التمديد يعني وقف المفاوضات، لجهة انه لم تتحقق اية نتائج من جولات كيري المتكررة. وبالتالي لن يكون امام السلطة الفلسطينية الا الموافقة على التمديد مع محاولة استغلال ذلك في تحقيق بعض المكتسبات وخصوصاً المادية.
التقارير تشير الى ان الرئيس الأميركي حث عباس على اتخاذ «قرارات صعبة» والإقدام على «مجازفات» من أجل تحقيق السلام مع إسرائيل،
قائلاً إنه يأمل أن يشهد تقدما في الأسابيع المقبلة في المفاوضات التي تجري بوساطة أميركية.
وتشير التقارير عينها الى ان من بين  تلك القرارات الصعبة التي يتعين على عباس اتخاذها الاعتراف بـ «يهودية دولة إسرائيل» الأمر الذي يرفضه الفلسطينيون، ويصر العرب على استبعاده لجهة خطورته الزائدة على القضية الفلس
طينية، وعلى الواقع العربي، فاعتراف بمثل هذا المضمون يقوّض الرواية التاريخية حول فلسطين والمطلب الفلسطيني والعربي بعودة اللاجئين.

فرصة للسلام
اوباما، اصر خلال اللقاء مع عباس على انه ما زالت هناك فرصة لتحقيق السلام والتوصل الى اتفاق.  وسبق ان كرر هذه الفرضية خلال اجتماعه مع كل من بنيامين نتانياهو والعاهل الاردني كل على حدة. بينما قدم لقاءاته بانها محاولات لتضييق الفجوة وتقريب وجهات النظر بين الطرفين.
وفي التفاصيل، نفى الناطق باسم رئاسة السلطة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة ان تكون الادارة الاميركية قد عرضت «اتفاق الإطار» على رئيس السلطة، محمود عباس، مشيراً إلى أن أوباما لم يعرض على عباس الاتفاق بشكل رسمي.
وأوضح أبو ردينة أن أوباما والجانب الأميركي عرضا مجموعة من الأفكار المتعددة على الجانب الفلسطيني والرئيس عباس، مبيناً أن «اللقاءات ستستمر خلال الأسابيع المقبلة».
ونقل أبو ردينة أن عباس شدد لأوباما على ضرورة إتمام إطلاق دفعات الأسرى وتجميد الاستيطان والتوصل إلى حل على أساس إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 عاصمتها القدس الشرقية، مؤكدًا على أن «النقاشات والحوارات لا زالت مستمرة حول مجمل الأفكار التي تبادلها الطرفان».
بدوره، كشف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صالح رأفت، أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ذهب إلى العاصمة الأميركية واشنطن ولديه «قرارات قاطعة» بعدم التنازل عن الثوابت والقضايا المتفق عليها مسبقاً مع العرب.
وأوضح رأفت، في تصريحات صحفية، أن القرارت كانت من قبل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ووزراء الخارجية العرب، ودعم الموقف الفلسطيني.
وذكر رأفت أن تلك الثوابت والقضايا هي «رفض الاعتراف بيهودية الدولة، والاصرار على الانسحاب الكامل من كل الاراضي التي احتلت عام 67 وفي المقدمة القدس الشرقية، واقامة دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران (يونيو) بعاصمتها القدس، وتأمين عودة اللاجئين الفلسطينيين بالعودة الى ديارهم عملاً بالقرار الدولي رقم 194 ومبادرة السلام العربية».
وحول تمديد المفاوضات مع الاحتلال، أكد الخبير بالقضية الفلسطينية والمحلل السياسي، ماجد عزام، في تصريحات مسبقة على أن لقاء رئيس السلطة الفلسطينية بالضفة، محمود عباس، والرئيس الأميركي، باراك أوباما، «“لن يأتي بأي شيء جديد على أرض الواقع».
ورأى عزام، في تصريحات صحفية، أن السلطة وفريقها المفاوض سيقومان بتمديد المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي من خلال تحفيزات ستقدم لعباس من قبل أميركا.
وأوضح عزام أن تلك المحفزات تنحصر في تقديم دعم اقتصادي وتسهيلات للسلطة في الضفة الغربية، متوقعاً أن يتم تجميد شكل من أشكال الاستيطان في مستوطنات الضفة، مؤكداً أن ذلك كله «سيشجع عباس على المضي قدماً في المفاوضات». لكنه اكد عدم احتمالية التوصل الى« شيء حاسم» حتى نهاية شهر نيسان (ابريل)، وهو السقف الزمني المحدد لنهاية المفاوضات بين السلطة ودولة الاحتلال.

اجتماع فاشل
المفاوض الفلسطيني صائب عريقات اكد من جهته ان اوباما دعا عباس الى «المجازفة» لتحقيق السلام ووصف الاجتماع بانه كان «صعباً وطويلاً». واضاف كبير المفاوضين الفلسطينيين انه «خلافاً لما كان متوقعاً لم نخرج من هذا الاجتماع بوثيقة رسمية يقترحها الاميركيون». وقال عريقات «ما زلنا في مرحلة المباحثات» للتوصل الى اتفاق الاطار الذي يعد له وزير الخارجية الاميركي جون كيري منذ اشهر. مضيفاً انه «واحتراماً لتعليمات واشنطن بالتزام السرية لن اكشف عن فحوى المباحثات بين اوباما وعباس».
وقال ان المباحثات كانت جدية وعميقة.
واعرب المسؤولون الفلسطينيون عن تحفظات على المقترحات الاميركية التي قالوا انها تبتعد كثيراً عن القانون الدولي، رافضين الاعتراف باسرائيل كدولة يهودية والحفاظ على قوات اسرائيلية في الاراضي الفلسطينية.
الى ذلك  هددت إسرائيل  بتأجيل  الإفراج عن 26 أسيراً فلسطينياً إذا لم يوافق الرئيس الفلسطيني محمود عباس على تمديد مفاوضات السلام التي ترعاها الولايات المتحدة إلى ما بعد 30 نيسان (ابريل).
وقالت تسيبي ليفني المسؤولة عن ملف التفاوض الإسرائيلي «من أجل دفع  مفاوضات جادة، سنضطر جميعاً إلى اتخاذ قرارات ونثبت أننا مهتمون بالتوصل  إلى اتفاق وسلام حقيقي». من جانبه اشترط رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) خلال لقائه الرئيس الأميركي باراك أوباما الاثنين اطلاق سراح الأسير مروان البرغوثي ومئات الأسرى الفلسطينيين مقابل تمديد المفاوضات السلمية مع اسرائيل التي تنتهي نهاية نيسان (ابريل) المقبل.
ووفقاً لصحيفة معاريف الإسرائيلية أشارت مصادر اسرائيلية في البيت الأبيض الى ان أبو مازن طالب أيضاً خلال اللقاء مع أوباما الذي استمر نحو ساعتين باطلاق سراح الأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات الذي تتهمه اسرائيل بالتخطيط لقتل وزير السياحة الإسرائيلي الأسبق رحبعام زئيفي، وتجميد بناء المستوطنات طوال فترة المفاوضات السلمية مقابل تمديدها. كما طالب باطلاق سراح الأسير فؤاد شوبكي المتهم بالوقوف وراء محاولة تهريب سفينة الأسلحة «كارين A» لقطاع غزة.
كما طالب أبو مازن باطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين مقابل تمديد فترة المفاوضات السلمية لتشمل لأول مرة أسرى من فلسطينيي 48 كما أعلن عن امكانية التوجه لمؤسسات الأمم المتحدة في حال فشلت المفاوضات، وهدد ببداية حرب دبلوماسية ضد اسرائيل.
وتطرق أبو مازن خلال لقائه بالرئيس الأميركي إلى الدفعة الرابعة لاطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين التي اتفق على تنفيذها مع اسرائيل نهاية شهر آذار (مارس) الجاري، الأمر الذي يبعث على الجدية في استمرار المفاوضات السلمية.

احمد الحسبان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق